التحالفات والكتل الانتخابية
شهدت مصر زيادة كبيرة في عدد الأحزاب السياسية في السنوات القليلة الماضية، وبحيث تجاوز عدد هذه الأحزاب 80 حزبا فضلا عن أحزاب أخرى تحت التأسيس، ويؤثر هذا العدد الكبير من الأحزاب والذي لم تعرفه مصر طوال أكثر من ستة عقود من الزمان على العملية الانتخابية وعلى الممارسة السياسية وعلى العلاقة بين السلطات وخصوصا السلطتين التشريعية والتنفيذية ووضع السياسات والتشريعات موضع التنفيذ ويمكن الإشارة في هذا الإطار إلى الملاحظات الأساسية التالية:
أولا: التحالفات الحزبية، ففي ظل هذا العدد الضخم من الأحزاب السياسية يكون من غير المتصور لأي حزب بمفرده أن يحصل على الأغلبية في الانتخابات أو على عدد معقول من مقاعد البرلمان نظرا لما يؤدي إليه هذا العدد الضخم من الأحزاب إلى تفتيت الأصوات الانتخابية وتناثرها بين هذا العدد الضخم من الأحزاب السياسية، ويترتب على ذلك تشتت ما يحصل عليه كل حزب من مقاعد، فضلا عما يؤدي إليه هذا العدد الكبير من الأحزاب من حيرة وارتباك أمام الناخب خلال عملية التصويت الانتخابي، ولذلك يكون من المنطقي أن تتجه الأحزاب إلى إقامة تحالفات فيما بينها، وبحيث يكون في النهاية أمام الناخب عدد محدود أو معقول من التحالفات الانتخابية مما يسهل من عملية التصويت أمام الناخب، ويقلل من تعقيد العملية الانتخابية ويعطي فرصة (نظريا) لأحد هذه التحالفات في الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان، ولعل هذا ما حاولت الأحزاب السياسية خلال الأشهر الماضية تحقيقه وإن اختلفت النتائج على أرض الواقع بين النجاح أو الفشل أو النجاح النسبي دون الوصول إلى تحالفات يمكن أن تحسم العملية الانتخابية وهو ما يمكن تفسيره بأسباب متعددة لعل من أهمها ما يمكن أن نطلق عليه المنافسة الحزبية على حصص المقاعد بصفة خاصة داخل القوائم الانتخابية، بينما لم تتمكن الأحزاب من الوصول إلى تفاهمات مؤثرة بالنسبة للمقاعد الفردية والتي تشكل قرابة 80% من إجمالي مقاعد مجلس النواب ولذلك فقد كان من الملاحظ في الأشهر السابقة وجود درجة من السيولة السياسية بمعنى تكوين التحالفات ثم حدوث انسحاب من هذه التحالفات والانضمام إلى تحالفات جديدة وهكذا،ولذلك فقد يكون من الصعب مع اقتراب الانتخابات النيابية تحديد الطرف المتوقع حصوله على أغلبية المقاعد النيابية وخصوصا في ظل توقع زيادة أعداد المرشحين المستقلين في الدوائر الفردية والتي تشكل الأغلبية الساحقة من مقاعد المجلس النيابي، ويقصد بذلك إن حصول تحالف حزبي معين على معظم أو كافة المقاعد المخصصة للقوائم لا يعني بالضرورة إمكانية حصول على أغلبية المقاعد الفردية.
ثانيا: الكتل البرلمانية، ويقصد بذلك التحالفات التي يمكن أن تتم داخل البرلمان وعقب انتهاء العملية الانتخابية، فإذا كانت التحالفات الانتخابية تحدث في مرحلة سابقة للانتخابات فإن الكتل البرلمانية تكون في مرحلة لاحقة للانتخابات أي داخل البرلمان يهدف الحصول على أغلبية مريحة يمكن
ثالثا: دور الشعب في العملية الانتخابية، وهي مسئولية كبيرة ملقاة على عاتق شعب مصر والذي أصبح ولأول مرة منذ فترة زمنية طويلة متغيرا أصيلا في العملية الانتخابية، ولذلك فمن المتوقع أن يكون للوعي الشعبي دور مهما في اختيار نوابه وبحيث يكون المعيار في الاختيار هو اختيار المرشح الأكثر كفاءة والأكثر قدرة على خدمة الوطن والأكثر قدرة على القيام بالمهام والمسئوليات المطلوبة منه لخدمة الوطن والذي يغلب المصلحة العامة للوطن على المصلحة الخاصة، وبحيث لا يكون المال السياسي هو الذي يحكم العملية الانتخابية مما يهدد بإعادة السلبيات والأخطاء التي عانت منها مصر في سنوات سابقة، ونأمل أن يكون مجلس النواب القادم متناسبا مع خصوصية المرحلة الدقيقة التي يمر بها الوطن، وأن يكون على مستوى توقعات الشعب المصري العظيم.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة