عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المبادرة الخليجية والأفعال الواقعية

تبدأ السياسة دائما بالأقوال والتصريحات والخطط والأفكار المعلنة التي تكتسب أهميتها عندما تتحول إلى  أفعال وممارسات تتوافق وتتماشى مع هذه الأقوال والتصريحات على أرض الواقع ويحدث بتحقق التوافق والتجانس بين الفكر والممارسة وبحيث يؤكد الواقع والممارسة ما سبق إعلانه من أقوال وتصريحات،ويمكن تطبيق ذلك على مستويات سياسية مختلفة سواء تعلق ذلك بالسياسة الداخلية وعلاقات القوى السياسية المختلفة،أو بالسياسة الخارجية وعلاقات القوى والأطراف الدولية المختلفة ،وقد شهدت الأيام القليلة الماضية إعلان بيان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يهدف إلى وضع إطار للتوافق ولم الشمل العربي في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية :

أولا: يمكن النظر إلى هذا الاتفاق التكميلي أو هذه المبادرة الخليجية على مستويين،أولهما لم الشمل وتحقيق التوافق الخليجي القطري بعد التوتر الذي شهدته العلاقات الخليجية القطرية في الأشهر الماضية التي وصلت إلى حد قطع بعض الدول العربية الخليجية المؤثرة لعلاقاتها الدبلوماسية مع قطر من خلال سحب السفراء مما يعبر عن شدة التوتر في العلاقات الخليجية القطرية، والذي ينعكس سلبا على مجلس التعاون الخليجي ،وثانيهما لم الشمل العربي وخصوصا تحسين العلاقات القطرية مع عدد من الدول العربية وخصوصا مصر بعد أن مرت العلاقات بينها وبين قطر بمنعطف خطير نتيجة للتدخلات القطرية في الشأن المصري، ويمكن القول إن مصر في هذا الاتفاق كات بمثابة الغائب الحاضر، فالتوتر في العلاقات الخليجية القطرية كان نتيجة لما انتهجته قطر من سياسات مضادة لمصر، ولذلك فإن تحسين العلاقات الخليجية مع قطر لم يكن من المتصور إهمال العلاقات المصرية القطرية في هذا الإطار.
ثانيا: إن هذه المبادرة الخليجية تأتي في فترة تعاني فيها المنطقة العربية من عديد من التحديات الهامة والخطيرة التي تصل إلى درجة تهديد وجود الدول العربية ذاتها وتتمثل أهم هذه التحديات فيما يلي:
أ - تحدي الإرهاب الذي يعتبر من أهم وأخطر التحديات التي تهدد المنطقة العربية حاليا بل تهدد العالم ككل، ويقصد بذلك أن الإرهاب لا يهدد مصر وحدها أو الدول الخليجية وحدها بل يهدد الدول العربية ككل ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى حالات العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال وغيرها.
ب - تحدي التفتيت والانقسام للدول العربية ،فبعض الدول العربية انقسمت فعلا مثل حالة السودان والبعض الآخر يتهدده خطر الانقسام مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، وبما يهدد استمرارية ووجود الدول العربية التي ظهرت للوجود عقب الحرب العالمية الأولى، ويرتبط بذلك أخطار إثارة الصراعات العرقية والدينية والمذهبية داخل الدول العربية وإثارة الصراعات السنية الشيعية.
ج - الضغوط الإقليمية والدولية التي تمارس على المنطقة العربية من جانب بعض الأطراف والقوى الدولية الكبرى بهدف استنزاف الثروات العربية وضمان تحقيق مصالح هذه الأطراف وضمان أمن إسرائيل، أو الضغوط والتحديات التي تمارس على المنطقة العربية من جانب بعض الأطراف الإقليمية وخصوصا من جانب تركيا وإيران.
د - تحدي التنمية والتحديات الاقتصادية، فمازالت المنطقة العربية تعاني في معظمها من المتاعب والتحديات الاقتصادية والتراجع أمام قوى وتكتلات اقتصادية قوية ومؤثرة.
وتتطلب حملة هذه التهديدات والتحديات التي تتعرض لها المنطقة العربية أن تكون المواجهة شاملة وهو ما يتطلب التوافق ولم الشمل العربي.
ثالثا: رد الفعل المصري والسيناريوهات المتوقعة:
أعلنت مصر من خلال بيان رئاسة الجمهورية التجاوب مع هذه الدعوة الصادقة لخادم الحرمين لتحقيق التوافق العربي،والتطلع إلى مرحلة جديدة تطوي خلافات الماضي وتبث الأمل في نفوس الشعوب العربية، ويمكن تفسير الموقف المصري بأنه لا يوجد عداء مبدئي بين مصر وقطر بل إن التوتر في العلاقة بين الدولتين جاء نتيجة للممارسات القطرية المضادة لمصر وتدخلها في الشئون المصرية الداخلية ولذلك إذا انتفت هذه الممارسات القطرية تكون الأجواء مهيئة للتقارب، فمصر لم يعرف عنها التدخل في شئون الآخرين أو العمل على إساءة العلاقات مع الدول العربية، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى السيناريوهات التالية:
أ - السيناريو الأول أن تلتزم قطر قولا وفعلا وعلى أرض الواقع بما تقتضيه هذه المبادرة الخليجية من حيث عدم التدخل في الشأن المصري الداخلي وايقاف الحملات الإعلامية الموجهة ضد مصر وتزييف الحقائق واختلاق الشائعات، وعدم تمويل التنظيمات الإرهابية وعدم إعطاء ملاذ آمن للملاحقين قضائيا من جانب القضاء المصري وهو ما يعمل على إنجاح المبادرة الخليجية.
ب - السيناريو الثاني: أن يكون الموقف القطري موقفا تكتيكيا بهدف انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في قطر في العاشر من شهر ديسمبر 2014 وهو ما يعني رئاسة قطر لمجلس التعاون الخليجي لمدة عام، بينما تستمر نفس الممارسات السياسية والإعلامية القطرية تجاه مصر دون تغيير وهو ما يعني إبقاء الأوضاع على ماهي عليه.
ونأمل أن يكون الاتجاه القطري نحو تحقيق السيناريو الأول وأن تحدث تغيرات في السياسة القطرية والممارسات الإعلامية على أرض الواقع لإنجاح هذه المبادرة والتي تصب في المصلحة العربية وبحيث تتوافق الأقوال والتصريحات مع الوقائع والأفعال.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة