عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتصار رشيد وانتصارات الوطن

يسير التاريخ دائما في مساره المحتوم حاملا معه العديد من الأحداث والتطورات المعبرة عن النصر والفخار في بعض الأحيان، أو التراجع والانكسار في أحيان أخرى، ويكون هناك ميل دائم إلى تخليد لحظات النصر من خلال الاحتفال بذكراها وإحياء ما ينطوي عليه هذا النصر من نتائج ودلالات واستحضار للهمة

والعزيمة لتحقيق انتصارات مماثلة في مجالات مختلفة قد تكون عسكرية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية ومعنوية، ولذلك يطلق على مثل هذه الانتصارات وما تحمله من آثار ورموز في علم السياسة المقدرة الرمزية للنظام، وتحتفل رشيد في كل عام بذكرى الانتصار الكبير على حملة «فريزر» في عام 1807 وأصبحت ذكرى هذا النصر في التاسع عشر من سبتمبر عيدا قوميا لمحافظة البحيرة، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الآتية:
أولا: إن ذكرى انتصار رشيد في 19 سبتمبر تأتي متزامنة أو قريبة زمنيا من عدة أعياد وانتصارات للوطن، حيث تحتفل مصر في شهر سبتمبر من كل عام بعيد الفلاح وما يمثله من دلالات وآثار تعبر عن رغبة في تحقيق العدالة الاجتماعية أطلقتها ثورة يوليو 1952، وهذه العدالة الاجتماعية تعتبر أيضا من الأهداف المهمة لثورتي 25 يناير و30 يونيو وبما يعبر عن استمرارية لمبادئ وأهداف الثورات المصرية، كما أن ذكرى انتصار رشيد لا تبتعد كثيرا من الناحية الزمنية عن ذكرى عزيزة وغالية للوطن وهي ذكرى أعياد النصر في السادس من أكتوبر والتي استطاعت مصر أن تحقق من خلالها معجزة عسكرية بكل المقاييس واستعاد الوطن من خلالها أرضه المحتلة، ولعل الدلالة الرمزية المهمة لهذا الانتصار الكبير في السادس من أكتوبر أن ما يمكن تحقيقه في المجال العسكري يمكن أيضا أن يتحقق في المجال الاقتصادي والتنموي، حيث تواجه البلاد الآن حربا تنموية إذا جاز التعبير تهدف إلى اعادة تشكيل الحياة على أرض الوطن سواء من خلال اعادة تقسيم المحافظات أو بداية العمل في المشروعات الاقتصادية العملاقة التي تهدف إلى زيادة الدخل القومي ومحاربة البطالة وتوفير فرص العمل وجذب الاستثمارات وتنمية أطراف الوطن  والعمل على تحويل الآمال والطموحات إلى واقع يعيشه ويحياه المواطن المصري.
ثانيا: إن قوة الوطن ترتبط إلى حد كبير بقوة مكوناته وأجزائه، ويقصد بذلك أن التنمية على المستويين الإقليمي والمحلي تساعد على تحقيق تنمية الوطن ككل، وفي هذا الإطار قد يكون من المفيد توجيه الاهتمام إلى المناطق الواقعة في أطراف الوطن ومنها «رشيد» والتي تقع في أقصي الشمال، وبها العديد من مقومات التنمية، ولكن للأسف لم تحصل حتى الآن على الدرجة الملائمة من الاهتمام والتي تليق بإمكاناتها ومواردها الواعدة والتي لو أحسن استخدامها وتوجيهها، فإنها يمكن أن تسهم في تنمية الوطن ككل وتضيف إلى موارده، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى أهمية وجود ميناء مهم وكبير يسهم في تنشيط الحركة التجارية للبلاد، ويسهم في تخفيف الضغط الكبير على ميناء الإسكندرية، ويمكن أن يرتبط بذلك الخدمات البحرية وخدمات السفن وبناء السفن وصيانتها، بالإضافة إلى الاهتمام بتنشيط عملية صيد الأسماك وقد يكون من المفيد

في هذا الصدد إنشاء مصنع لتعليب الأسماك وتصديرها وخصوصا الأنواع المطلوبة في الأسواق الدولية والتي تسهم في زيادة موارد البلاد من العملات الصعبة، وربما يكون من أهم الموارد والإمكانات التي تمتلكها رشيد ما يتعلق بالآثار الإسلامية حيث تعتبر رشيد وبحق بمثابة متحف مفتوح للآثار الإسلامية سواء تمثلت هذه الآثار في المساجد أو المنازل أو الطرقات الضيقة أو التي مازالت محافظة على  طابعها التقليدي، أو القلاع البحرية حيث كانت رشيد تعتبر من أهم ثغور الوطن في فترات سابقة، كما يلتقي في رشيد البحر والنهر، أي مياه البحر المتوسط بمياه نهر النيل أو هي مجمع البحرين، ويمكن أن تستغل هذه الإمكانات إذا وجدت الاهتمام اللازم لكي تجعل من رشيد أهم المراكز السياحية الإسلامية ليس على مستوى مصر وحدها بل على مستوى العالم.
ثالثا: إن رشيد تحتاج إلى مزيد من الاهتمام من كافة مؤسسات الدولة حتى يمكن استغلال ما تتمتع به من موارد وإمكانات فهي تحتاج إلى اهتمام وزارة الآثار للنهوض بآثارها والتخلص مما تعاني منه من اهمال واصلاح وترميم مساجدها الأثرية وربما يكون ذلك أيضا مهمة وزارة الأوقاف، كذلك نحتاج إلى اهتمام مكثف من وزارة السياحة للترويج السياحي لرشيد وآثارها الإسلامية وأن توضع في مكانها الصحيح على خريطة السياحة العالمية، وهو ما يتطلب نشاطا من المكاتب السياحية المصرية في الخارج، وكذلك البعثات القنصلية بالإضافة إلى جهود الهيئة العامة للاستعلامات، كذلك هناك احتياج للاهتمام برشيد من وزارة الشباب ووزارة الثقافة لتطوير وتنمية المراكز الشبابية وقصور الثقافة، كذلك اهتمام وزارة القوى العاملة للحيلولة دون الهجرة غير الشرعية، وما يترتب عليها من أضرار فضلا عن إنشاء وتطوير مدينة صناعية متطورة، وأطرح في النهاية تساؤلا مهما يثيره أهالي رشيد عن إمكانية تحويل رشيد إلى محافظة كما كان عليه الحال من قبل أو على الأقل تحويلها إلى كيان خاص على غرار الأقصر للتخلص من الروتين الحكومي وبما يحقق لها التنمية ويسهم في تنمية الوطن.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة