عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المشاركة والاكتتاب ومجلس النواب

عرفت مصر لفترة زمنية طويلة نظاما شديد المركزية بحيث يكون هناك اعتماد شبه كامل من جانب المواطنين على الحكومة في كل شيء يتعلق بمعيشتهم

وحياتهم من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية، وهو ما فسره بعض المفكرين بظروف مجتمع النهر الذي عرفته مصر وغيرها من المجتمعات النهرية، والذي ساعد على وجود سلطة سياسية شديدة القوة والتركيز تقوم بحماية المواطنين من أخطار النهر وتهديداته المتجددة سواء في أوقات وفرة المياه أو ندرتها، وتقوم أيضا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعظيم الاستفادة من مياه النهر، وقد أدى هذا الاعتماد المبالغ فيه من المواطنين على الحكومة المركزية إلى انخفاض درجة المشاركة على مختلف مستوياتها وخصوصا في المستوى السياسي، وارتفاع بالضرورة في درجة السلبية على نحو ما أظهرته مؤشرات ونسب المساهمة في العملية الانتخابية لفترة طويلة (وبالذات المساهمة الفعلية والحقيقية)، كذلك فقد انخفضت درجة الميل إلى المشاركة في الأعمال التطوعية والجهد الجماعي على المستوى الأفقي، وتوقع المواطن أن الحكومة تقوم بالنيابة عنه بكل ما يلزمه ولذلك أصبح لا يميل كثيرا إلى المشاركة، وقد تغيرت إلى حد كبير ملامح هذه الصورة النمطية عن المواطن المصري خلال السنوات القليلة السابقة التي أعقبت ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وأصبح المواطن المصري متغيراً رئيسياً في العملية السياسية وفي التطورات الاقتصادية، وتنفيذ المشروعات القومية والعملاقة ،ويتوقع زيادة هذه المشاركة أيضا في المستقبل ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:-
أولا: إن المشاركة الشعبية في تحقيق وتنفيذ المشروعات القومية تعتبر من أهم متطلبات النجاح لمثل هذه المشروعات بحيث لا تكون أعباء التنفيذ وتحقيق تلك المشروعات تقتصر فقط على الحكومة بل تكون في المقام الأول بمشاركة شعبية واسعة النطاق، ويمكن التدليل على ذلك بمشروع تطوير محور قناة السويس الذي انطلقت إشارة البداية فيه منذ فترة وجيزة حيث يعتبر التمويل من أهم الأسس التي تستند إليها مثل هذه المشروعات، وستتحقق المشاركة الشعبية في هذا المشروع العملاق من خلال مشاركة المواطنين المصريين في تمويل هذا المشروع بشرائهم شهادات استثمار خاصة بقناة السويس وذات ربحية أكبر من باقي الأوعية الادخارية والاستثمارية وهو ما يحقق فائدة مزدوجة وهي استثارة نزعة الوطنية والعزة والكرامة في المواطنين المصريين لأن هذه الشهادات الاستثمارية (أو ما يمكن أن نطلق عليه تجاوزاً الاكتتاب في هذه الشهادات) ستقتصر  فقط على المواطنين المصريين دون غيرهم، كما تتحقق أيضا فائدة للمواطن من خلال حصوله على عائد مادي مرتفع مقارنة بباقي الأوعية الاستثمارية، وتتحقق المشاركة المرتفعة المتوقعة من خلال قطاعات واسعة تشمل صغار المدخرين وذوي الدخول المتوسطة والمرتفعة والمصريين في الخارج والذين سيقومون بشراء هذه الشهادات

الخاصة بالقناة ويشاركون في تمويل هذا المشروع العملاق، وبالإضافة إلى ما يحققونه من أرباح من خلال هذه الشهادات فإنه باكتمال المشروع تتحقق الفائدة الحقيقية لجموع الشعب المصري من خلال زيادة إيرادات القناة زيادة كبيرة فضلا عن المشروعات الاستثمارية المرتبطة بها.
ثانيا: هناك مظهر آخر للمشاركة الشعبية نتوقعه في الانتخابات النيابية وهو ارتفاع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، ولا يقصد بذلك ارتفاع نسبة المشاركة في الترشح، فهي غالبا ما تكون مرتفعة وبدأت تعبر عن ذاتها في تعددية المرشحين في الدوائر المختلفة، ولكن المقصود هنا بارتفاع درجة المشاركة هو المشاركة الشعبية في عملية التصويت والتي يحتاجها البرلمان القادم نظرا لتعاظم المهام الملقاة على عاتقه في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن، وبالإضافة إلى المشاركة المرتفعة المطلوبة في العملية الانتخابية وهي ترتبط بعامل الكم فإنه يمكن أن يكون للمتغير الكيفي أهميته القصوى أيضا خلال هذه المشاركة ويقصد بذلك أن يحسن الشعب اختيار من يمثله في هذا البرلمان وان يختار بوعي وينتقى الأفضل والأنسب والذي يستطيع أن يحقق مصلحة الوطن والمواطن وأن يقوم بالأعباء التشريعية والرقابية المطلوبة من عضو البرلمان على أكمل وجه.
ثالثا: إن المواطن المصري قد تزايد وعيه، وتزايد نضجه السياسي، وتزايد شعوره بالمصلحة الوطنية، وضرورة تغليبها على المصلحة الضيقة وذلك نظرا لما مر به من تطورات خلال السنوات القليلة السابقة والتي جعلته طرفا أساسيا في أي عملية تطور سياسي أو اقتصادي تشهدها البلاد، ولذلك نتوقع مشاركة فعالة على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبحيث تتضافر جهود الشعب والحكومة والنخبة والأحزاب والبرلمان القادم لتحقيق آمال وطموحات شعب مصر والوصول بالوطن إلى بر الأمان من خلال عملية المشاركة والتي تكون كفيلة بمواجهة المصاعب والتحديات بنجاح.