ساعات قليلة و تنطق جهيزة
ساعات قليلة و تنطق جهيزة بالخبر اليقين ، و جهيزة هنا هي أعلي و أهم و أحسم لجنة في تاريخ مصر الحديث ، و هي اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر ، و لا مراء في هذا ، فلقد أفرد الاعلان الدستوري الصادر عن المجلس الاعلي للقوات المسلحة لهذة لهيئة الادارية
وظيفيا مكانا علويا ، و جعلها في أعلي عليين ، فلا معقب لقرارها ، و لا طاعن في فصلها ، و لا مشكك في تقييمها و تقديرها، فما تنبئ به يرسم لحد كبير الخارطة السياسية المصيرية لمصر ، و يعين جهد الجاهدين ، و فقه المتفيقهين – و ما أكثرهم في مصر – علي فك الشفرات ، و فتح المغاليق ، و سبر أغوار الحقائق الخافية عن عموم الناس في مصر، و يسلط الضوء علي الحقائق الدامغة الكاشفة المانعة ، للشخصيات المصرية التي تاق الكثر من المصريين في تأهلهم لسدة الحكم ، و تولي كرسي الرئاسة في أكبر و أقدم دولة في منطقة الشرق الوسط قاطبة .
و اذا كان ما من أحد يستطيع أن يجزم بأي قرار ستتخذه اللجنة الموقرة بعد ساعات قليلة ، الا أن المعترك السياسي حامي الوطيس ، و المشهد التنافسي الذي استحوذ علي سائر العواطف و الاحاسيس ، أصبح الاهتمام الاول و الرئيس ، لسائر المصريين من دون تحزب أو تسييس .
جلي أن المشهد السياسي في مصر شهد في الايام الاخيرة مفاجئات خرجت عن المعتاد ، و حيرت البلاد و العباد، فمن حل للجمعية التأسيسية ، الي اقصاء مبدئي لعديد من المرشحين للرئاسة ،الي تهديد ووعيد من المجلس العسكري الي كافة القوي السياسية بضرورة التوحد و التالف و التكاتف ، الي اذعان غير مسبوق من هذه القوي المسماة بالاحزاب السياسية لذلك التهديد .
بيد أن الامر يستدعي النظر و التدبر و الاهتمام ، و لا يجب المرور عليه مرور الكرام ، الا اننا و بحكم التخصص سنقصر تنقيبنا علي المعادن القانونية النفيسة في هذا الاناء المصري الملئان بالدروس و العبر .
فقد صدم الشعب المصري بأسره بأحد المرشحين للرئاسة ، الذي دفع بمؤامرة صهيونية أمريكية تحاك ضده حتي لا يطبق شرع الله في عباد الله ، و أعلن الجهاد ان أزاحته القوي الشيطانية الباغية عن طريقه المعبد سلفا وفق زعمه للرئاسة .، و شكك دفاعه في الوثائق
أما المرشح الاخر المقصي حتي مساء الثلاثاء ، فلم يكتف بالملفات المصيرية الفاشلة التي كانت في عهدته ،و العيان لا يحتاج الي بيان ، فأبي الا و أن يقامر بمصائر المصريين ، و يغامر مغامرة المتهورين الفاشلين ، فأصر أن يحارب بدماء المصريين ، و أثر أن يحشر صورته في مشهد الفاشلين المنبوذين ، بعد أن فشلت عصبته في توفير التوكيلات المطلوبة ، و تحضير المستندات المرغوبة .
أما المرشحين الاخرين الشهيرين المبعدين ، فغفلا عن حساب الايام و الشهور و السنين ، فدفع الاثنين بأن العفو العسكري الشامل الصادر سلفا عن المجلس الاعلي للقوات المسلحة راد للاعتبار ، ويمنحهما الشرف و العزة و الفخار ، و تجاهلا التشريعات المصرية و القوانين التي تستلزم مرور ست سنين ، علي قضاء عقوبة الحكم المهين ، الصادر من قضاء المرائين .
فاذا كانت المصائب لا تأتي فرادي ، و أن معظم النار من مستصغر الشرر ، فالامر الذي لا مرية فيه ، أن جموع المصريين تتطلع الي الله عز و جل ، أن يكشف الغمة ، و يحفظ الامة ، و أن يكون لهذا الليل البهيم من أخر .
و ختاما ، يجب أن نعي أمرا مهما و هو : أن الحق يعلو و لا يعلي عليه ، فالحق مكين و الباطل مضطرب عثور .
----
بقلم- دكتور /أيمن سلامة
أستاذ القانون الدولي العام