نساء الصعيد في طي النسيان
نساء الصعيد يمارسن حياتهن في إطار اجتماعي وثقافي يتميز بالانحياز الواضح والصريح للرجل مستمد من نسق قيمي وسلوكي نابع من عادات رجعية وموروثات فكرية تفرض علي الفتاة منذ الصغر أن تكون مجرد تابع لرجال عائلتها نهيك عن تدني المستوي التعليمي ورداءة
نوعه الذي حصر مكانتها في صورة نمطية تقليدية وإن كانت هذه الصورة قد شهدت نوعاً من التغير الإيجابي إلي حداً ما إلا أن التميز لازال متغلغل داخل الثقافة الصعيدية حيال المرأة التي تعاني مثلها مثل باقي نساء الوطن من بعض الأوضاع السيئة لكن ما تعيشه الصعيدية علي وجه الخصوص يعتبر أكثر حدة وصرامة نظرا لترسخ الكثير من التقاليد وتجذرها في مجتمعها المنغلق لدرجة مقاومة فكرة المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص بشراسة مما أدي إلي تهميشها وإقصائها ومنعها من المشاركة في صنع القرار والنظر إليها باعتبارها كائن يفتقد الأهلية والقدرة علي مواجهة صعوبات الحياة والتعامل مع الأزمات والمشكلات بطريقة مناسبة رغم أن تجارب الواقع تؤكد أن المرأة الصعيدية تمتلك من الصفات ورجاحة العقل وحسن التصرف ما يمكنها من قيادة دفة الأحداث علي المستوي الأسري والمهني وهناك عشرات الآلاف من النساء اللاتي اثبتن جدارتهن في ظل غياب الرجل لظروف السفر أو الوفاة أو الطلاق إلا أن المناخ الثقافي في المجتمعات الصعيدية لازال عاجزاً عن استيعاب فكرة أن المرأة شريك فاعل وليس مجرد تابع مفعول به.
نساء الصعيد أحوج ما يكون إلي أن تمد لهن منظمات المجتمع المدني يد العون للنهوض بـ أحوالهن وزيادة درجة وعيهن بحقوقهن والإيمان بإمكانياتهن وحثهن علي الإصرار للتخلص من التبعية وإنهاء التمييز ضدهن داخل مجتمعاتهن - التي تشبه في تركيبها
كما ينبغي لوسائل الإعلام أن يكون لها دورا ايجابياً في تحرير نساء الصعيد من قيود وأغلال الأعراف البالية عن طريق تقديم برامج هادفة تساهم في استبدال الإرث الفكري الذي يكرس للتميز بثقافة المواطنة التي ترتقي بأبناء الوطن فوق مشاعر العنصرية القائمة علي الجنس والعقيدة وتبني اتجاهات إيجابية مستحدثة تناسب العصر وتتمشي مع احتياجات المجتمع ولا تقتصر إيجابيات دور الإعلام علي تبني قضية المرأة الصعيدية وحدها بل تمتد لتخلق لدي الرجل الصعيدي أيضا وعياً شاملاً وإدراكاً هاماً بحقوق المرأة ومكانتها.