رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متي سنحترف صناعة الحب؟

قال الشاعر الكبير«نزار قباني» في إحدى قصائده: الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه .. تذكرت هذا البيت وأنا أتأمل العالم من حولي وأتألم من مشاهد العنف التي يشيب لها الولدان وأتعجب كيف تتحمل الكرة الأرضية كل هذا الشر والتباغض والعنصرية والطائفية بين أبنائها دون أن تنفجر كالبالون بعد أن أصبحت مملوءة عن أخرها بكل هذه المشاعر المحتقنة  والطاقات السلبية التي تعادل في خطورتها  قنبلة ذرية كيف وصل بنا الحال إلي درجة إحتراف مهارات إيذاء النفس والغير والتفريط في الحب واستبداله بالعداء لماذا لم يعد لدينا القدرة علي الحب وسيطر علي عالمنا مشاعر الأنانية والجحود إلي حد إنكار الإنسان لحقوق أخيه الإنسان أشعر بالشفقة علي هذا الكوكب التعس الذي أبتلي بكائنات تحترف صناعة الكراهية وتتنفسها بدلاً من الهواء وليس هذا فحسب بل تسعي جاهدة لضخها في رئة العالم لتفريغه بشكل كامل من كل القيم  التي تدعو إلي المحبة والإخاء.

للأسف إمتهان الكراهية وإتقانها بات جواز المرور للعيش في هذا العالم رغم أن تكلفتها باهظة الثمن ،نهيك عن كون الكراهية الشرارة الأولي للحروب وما ينتج عنها من دمار شامل ودماء أبرياء تخضب الأرض وأشلاء تتناثر هنا وهناك ومشردون بلا مأوي وضحايا بالملايين ،إلا أن الإصرار علي ممارسة الكراهية أصبح من أهم سمات الشخصية المعاصرة التي يبدو أنها فقدت في زخم التطور التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات إنسانيتها بالشكل الذي جعل منها مخلوق متحجر العواطف لا يتأثر ولا يخفض جناح الرحمة لمن هم دونه ،لا نبالغ إذا قلنا أن الكراهية داء العصر بلا منازع  فقد قال عنها العالم الجليل دكتور«مصطفي محمود» أنها إحساس غير طبيعي وإحساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد الجاذبية الأرضية تحتاج إلي قوة إضافية وتستهلك وقوداً أكثر.

خلقنا الله بفطرة سليمة ونفس سوية مقبله علي الحياة ومحبه لها ومع ذلك نفني أعمارنا في مشاعر كريهة لا تجلب

إلا الشر وتمنعنا من الاستمتاع بالنعم التي حبانا الله بها ،العالم - ومصر جزء منه- بحاجة إلي إعادة تأهيل نفسي وإصلاح اجتماعي لاستعادة إنسانيته المفقودة ولن يحدث هذا إلا عندما نطهر ذواتنا من الأفكار الرديئة والسلوكيات الملتوية وإستأصل المركز المسئول عن تضخم مشاعر الكراهية في النسيج البشري للقضاء علي المسببات التي تخلق صراعات ومشاكل الهوية وتُحدث ضرراً بالغاً بالبشرية.

أحلم باليوم الذي يعتزل فيه المجتمع الإنساني الكراهية ويحترف صناعة الحب والتسلح بثقافة التسامح التي هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام المجتمعي ،فتبادل مشاعر المحبة مع الآخرين لا يكلف شيئاً بل بالعكس يساهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية ويحقن الدماء ويجنب البلاد والعباد الكثير من الويلات ،ليت العالم  يأخذ بنصيحة «نزار» ويخترع الحب مرة أخري في زمننا الذي ندر فيه الحب وجفت فيه المشاعر وتبلدت الأحاسيس وتحول الحب إلي مجرد تعبير مهذب للرغبات الجنسية والشهوات الحسية ،زمن طغت فيه المصالح وتحكم المال في العلاقات بين الناس وبين الدول ،كم أحوجنا إلي أن نستظل جميعا براية الحب بمعناه العام ومفهومة الواسع من حب للحياة وحب للإنسانية وحب للجمال وحب الخير للغير ،حب منزه عن كل غرض يسمو بالنفس ويهذبها  فقط الحب للحب كقيمة تضمن السعادة للإنسان وتمنحه الشعور بالطمأنينة.