رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وامتزج نهر القانون ببحر السياسة !

كلنا يحفظ مأثورة تشرشل الشهيرة عندما قالوا له إن الحرب خربت وحطمت كل شيء فى البلاد فسألهم عن القضاء فأجابوه إنه الشيء الوحيد الباقى فقال على الفور «إذن بريطانيا العظمى بخير» تلك الجملة البليغة تحمل فى طياتها معنى رائع  ودلالة هامة جداً تُترجم أن عماد أى دولة وحصنها الحصين هو قضاؤها والعكس صحيح، أقول هذا بعد أن انتابنى القلق وساورنى شيء من الريبة مؤخراً

من القضاء المصرى بعد فضيحة قضية التمويل الأجنبى وكيف أُستغل القضاء واستباحت حرمته وأستعمل لأغراض سياسية وأخيراً بعد حكم المحكمة الإدارية بوقف تنفيذ عمل الجمعية التأسيسية ثم قرار اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، والمُشكلة من كبار القاضى، باستبعاد المهندس خيرت الشاطر وما قبلهما وما بعدهما بعض التساؤلات على بعض الأحكام ولأننى غيورة على قضاء مصر الشامخ وكنت أحد المدافعين عن إستقلاله وكتبت العديد من المقالات مساندة وداعمة لتيار الاستقلال إبان أزمتهم الشهيرة مع النظام البائد، لهذا وجدت من منطلق وطنى وخوف على بلدى أن أقف وقفة مع ما يجرى فى القضاء المصرى وبعد أن تحولت القضايا المنظورة أمام المحاكم قضايا مستباح عِرضها على الفضائيات ينتهكها الإعلاميون والسياسيون والقضاة أنفسهم وإصدار الأحكام فيها على الهواء مباشرة بدون أن يقرأوا أوراقها داخل قاعة المحكمة! تحولت الفضائيات الملعونة إلى قاعات محاكم تدار فيها جلسات المداولة والمرافعات وإصدار الأحكام وتحول القضاة إلى نجوم فى المجتمع بفضل ذلك الفضاء الفسيح الذى يطيرون فيه من قناة إلى أخرى!! ومن هنا تنبع الخطورة فحينما تكون عين القاضى شاخصة أو مُسلطة على الكاميرا تغيب عنه الصورة الكاملة وبالتالى تضيع  الحقيقة على الرغم أنه من المفترض كما تعلمنا أن الحكم عنوان الحقيقة!! ولكن أين الحقيقة فى تلك الفضائيات التى تدلس على الناس وتقلب الحقائق وتزيف وعى ووجدان الناس؟! إنها بعيدة بعيدة تماماً مثلما كان القاضى بعيداً عن الناس فى السنين الخوالى للقضاة، أقصد قبل أن تدنسه الأنظمة المستبدة وتقحمه فى السياسة وتطوعه لحسابها!! كنا نسمع أن القضاة فى الماضى ممنوع عليهم أن يتجادلوا مع أحد وإذا حدث ذلك يحاسبوا فوراً أما الآن فإنهم يتجادلون أمام الملايين ويصنعون لأنفسهم زعامات وهمية! كل هذه السلوكيات

أثرت بالسلب على القضاء الذى نطالب جميعا باستقلاله والبعد تماما عن لعبة السياسة الخطرة والإعلام أهم أدواتها الفتاكة التى يتكالب عليها نجوم القضاة! لهذا أناشد المستشار حسام الغريانى رئيس القضاء الأعلى بألا يسمح للقضاة بالظهور فى الفضائيات ومناقشة القضايا المنظورة أمام القضاء حفاظاً على هيبة القضاء والقضاة أنفسهم ، لقد أبدى شيخ من شيوخ القضاة الأجلاء رئيس القضاء الإدارى الأسبق تخوفه من انزلاق القضاء فى بحر السياسة بعد حكم محكمة القضاء الإدارى الأخير الخاص بوقف عمل اللجنة الدستورية وقال إن مثل هذه القضايا الخاصة بعمل البرلمان لا تنظر أمامه إعمالاً بالفصل بين السلطات وإن القاضى يقف أمامها معصوب العين حسب التعبير الفرنسى فى مثل هذه القضايا لكن يبدو أنه أصبح مفتوح العين مبحلقاً على الكاميرات فى هذا الزمن الرديء الذى انقلبت فيه الأمور وتبدلت فيه المعايير وتغيرت فيه الثوابت للأسف الشديد !! حينما تدخل السياسة فى أمور أو شئون يجب أن تكون بعيدة عنه كالشرطة أو الجيش أو القضاء فإنها تفسدها وتقضى عليها ولنا فى الشرطة خير مثال وأبلغ دليل على ذلك ولأننا ننأى بالقضاء الوقوع فى نفس المستنقع حفاظاً على أهم أعمدة الوطن وحتى يبقى معافاً وتظل مصر بخير كما قال «تشرشل» فإننا نناشد المسئولين على الجانين أى فى السلطة الحاكمة والقضاة أنفسهم بأن يتوقفوا عن ذلك ويمنعوا مزج نهر القانون ببحر السياسة ويجعلوا بينهما برزخاً لا يلتقيان رحمة بالبلاد والعباد!

[email protected]