وامتزج نهر القانون ببحر السياسة !
كلنا يحفظ مأثورة تشرشل الشهيرة عندما قالوا له إن الحرب خربت وحطمت كل شيء فى البلاد فسألهم عن القضاء فأجابوه إنه الشيء الوحيد الباقى فقال على الفور «إذن بريطانيا العظمى بخير» تلك الجملة البليغة تحمل فى طياتها معنى رائع ودلالة هامة جداً تُترجم أن عماد أى دولة وحصنها الحصين هو قضاؤها والعكس صحيح، أقول هذا بعد أن انتابنى القلق وساورنى شيء من الريبة مؤخراً
من القضاء المصرى بعد فضيحة قضية التمويل الأجنبى وكيف أُستغل القضاء واستباحت حرمته وأستعمل لأغراض سياسية وأخيراً بعد حكم المحكمة الإدارية بوقف تنفيذ عمل الجمعية التأسيسية ثم قرار اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، والمُشكلة من كبار القاضى، باستبعاد المهندس خيرت الشاطر وما قبلهما وما بعدهما بعض التساؤلات على بعض الأحكام ولأننى غيورة على قضاء مصر الشامخ وكنت أحد المدافعين عن إستقلاله وكتبت العديد من المقالات مساندة وداعمة لتيار الاستقلال إبان أزمتهم الشهيرة مع النظام البائد، لهذا وجدت من منطلق وطنى وخوف على بلدى أن أقف وقفة مع ما يجرى فى القضاء المصرى وبعد أن تحولت القضايا المنظورة أمام المحاكم قضايا مستباح عِرضها على الفضائيات ينتهكها الإعلاميون والسياسيون والقضاة أنفسهم وإصدار الأحكام فيها على الهواء مباشرة بدون أن يقرأوا أوراقها داخل قاعة المحكمة! تحولت الفضائيات الملعونة إلى قاعات محاكم تدار فيها جلسات المداولة والمرافعات وإصدار الأحكام وتحول القضاة إلى نجوم فى المجتمع بفضل ذلك الفضاء الفسيح الذى يطيرون فيه من قناة إلى أخرى!! ومن هنا تنبع الخطورة فحينما تكون عين القاضى شاخصة أو مُسلطة على الكاميرا تغيب عنه الصورة الكاملة وبالتالى تضيع الحقيقة على الرغم أنه من المفترض كما تعلمنا أن الحكم عنوان الحقيقة!! ولكن أين الحقيقة فى تلك الفضائيات التى تدلس على الناس وتقلب الحقائق وتزيف وعى ووجدان الناس؟! إنها بعيدة بعيدة تماماً مثلما كان القاضى بعيداً عن الناس فى السنين الخوالى للقضاة، أقصد قبل أن تدنسه الأنظمة المستبدة وتقحمه فى السياسة وتطوعه لحسابها!! كنا نسمع أن القضاة فى الماضى ممنوع عليهم أن يتجادلوا مع أحد وإذا حدث ذلك يحاسبوا فوراً أما الآن فإنهم يتجادلون أمام الملايين ويصنعون لأنفسهم زعامات وهمية! كل هذه السلوكيات