ثورة الشباب والوعي بالذات
ولكن فوجئ جموع الشعب المصري بخطئه في حكمه المسبق علي هؤلاء الشباب وعدم فهمه لمعاناتهم النفسية واغترابهم عن واقعهم فقد اعتادت الأجيال السابقة جيل الآباء ومن سبقهم علي الهوان والانكسار والاكتفاء بما يمنون به عليه أهل السلطة والنظام بمكافآت ضئيلة تسد رمقهم وتكفل لمن يعمل منهم حداً أدني لمتطلبات الحياة لكن الشباب كان أكثر إدراكاً للعالم من حولهم، خصوصاً وقد نشأوا في عصر الثورات والسيولة الاجتماعية تجتاح أركان الكون فقد تفتح وعي معظمهم وشاهد في طفولته الحرية تضرب أركان الكون بداية من ثورة الساحة الحمراء بموسكو مركز الشيوعية في نهاية العقد التاسع من القرن الماضي في الاتحاد السوفيتي رمز الاستبداد والقهر في العالم وعدوة الحرية والديمقراطية بحجة حفظ النظام والأمن وهو ما يتشدق به المستبدون في كل زمان ومكان وما تلاها من ثورات كان وقودها الشباب كما كان الشأن في ثورة الشباب في شرق آسيا، في الصين في ميدان تيان بان، حيث واجه الشباب بصدور عارية دبابات الجيش الأحمر نازعاً الخوف ومفضلاً الموت علي حياة القهر والاستبداد وكذلك الثورة البرتقالية في أوروبا الشرقية وغيرها من معاقل الشيوعية مراكز الاستبداد والقهر في القرن الماضي، لقد كان جوف هذا الشباب يغلي بمرجل الثورة والحرية كالجنين الذي يتحرك في أحشاء المجتمع الذي غفل عن فهم هذا الشباب واتهمهم بالسلبية وفقدان الوعي مع العلم أن المجتمع كان هو الفاقد لوعيه فقد انصرف كل فصيل لشأنه غير مهتم بهذا الشباب وأوجاعه يحاول كل واحد أن يحظي بفرصة أو مكان بجوار النظام مكتفياً
- الأول: المتآمرون من فلول النظام السابق الذين يتربصون بهذه الثورة ويحاولون الالتفاف عليها ووأدها في مهدها فإن استطاعوا أو علي الأقل تفريغها من مضمونها النبيل في النهوض بمصرنا الحبيبة نحو الحرية والعدالة ولذلك بالعمل علي تشويه هذا الشباب وتخوينه بالعمل لحساب أجندات أجنبية أو تلويث سمعتهم، كما نري ونشاهد حتي الآن في الإعلام الحكومي.
- والثاني: من المتربصين الذين يحاولون اختطاف هذه الثورة وتحويلها عن هدفها النبيل لتحقيق أجندات خاصة حزبية أو مذهبية.. حمي الله مصر من كل سوء وبارك في شبابها الذي جدد شباب مصر وأزال عن وجهها المشرق الجميل ما لحق به من غبار تراكم حتي أوشك أن يغير ملامح هذا الوجه العظيم.
وأخيراً تحية خاصة لقواتنا المسلحة درع الوطن الحامي وذخره في الملمات وأوقات الشدة والمخاطر فهم حماة الوطن وحماة هذه الثورة النبيلة بعون الله حتي تستوي علي عودها بعيداً عن المتآمرين والمتربصين.
رئيس قسم الفلسفة الإسلامية
دار العلوم جامعة الفيوم