رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المصيبة المصرية فى السكك الحديدية

النقل العام من الخدمات التى لاغنى عنها للناس  أينما كانوا، وتعد خاصية الأمان من أهم خصائص هذا النوع من الخدمات، وطالما كان الأمر كذلك فإن الملاحظ من واقع السجل الدامى للسكك الحديدية فى مصر وجود فقر شديد فى إدارة هذه الخدمة التى تذهب بأرواح مئات الركاب سنويًا.

بينما كانت مصر ثانى دولة عالميًا فى مد خطوط السكك الحديدية وكانت الخدمة آمنة وكان مظهر القطارات نظيفًا يبعث علي البهجة والاطمئنان. من منكم يتذكر شكل القطارات المصرية فى أفلام الأبيض والأسود. هكذا كانت، ومن منا يتذكر محمد عبدالوهاب يغنى فى أحد أفلامه مستقلا إحدى عربات ذلك القطار الفخم آنذاك.
فى رأيى أن هناك عدة مسببات لهذا الفقر فى الخدمة وإدارتها. فنحن نفتقر لمديرين أكفاء يديرون المرفق بنمط إدارة القطاع الخاص. فبدلا من هيكل تنظيمى رشيق لا تتعدد مستوياته الإدارية يضم مديرين أكفاء يمكن تفويضهم فى صنع القرارات. نجد أن العكس هو الموجود لحد كبير. وبشكل عام يتسم هذا النمط التنظيمى المركزى بالقرارات غير المدروسة فى كثير من الأحيان التى تؤثر سلبًا علي كفاءة المرفق.
من ناحية أخرى وفى غياب ثقافة الصيانة لدى القطاع الحكومى وما تبقى من القطاع العام، هناك قصور فى الصيانة. تحتفل الهيئة عندما تشترى قاطرات وعربات جديدة أو مجددة للخدمة لكننا لا نحافظ عليها أو نجعلها تستمر فى التشغيل الكفء حتى تبلغ عمرها الافتراضى بالصيانة الدورية والعلاجية. وبديهى أن غياب الصيانة الكافية يؤدى بالقطع إلي حوادث سواء فى القطارات أو الجسور التي تمر عليها، أو فى الأرواح وهذا هو الأهم، وفيما يدفع من تعويضات للمتوفين والمصابين. هكذا تؤكد الشواهد من حوادث دامية علي مدار كل عام من الأعوام العشرين الأخيرة بشكل خاص.
وهناك أيضًا الاعتماد المكثف علي العنصر البشرى بعكس الحال لما يحدث فى مرافق السكك الحديدية بالخارج. من تحويل السيمافورات للتشغيل الأوتوماتيكى. وهذا يعالج ويمنع حالات نوم بعض عمال هذه السيمافورات أو غيابهم أو تأخر حضورهم وما يسببه ذلك من أخطار جسيمة للمركبات العابرة وركابها. ومن سمات فقر الإدارة، اعتبار العاملين مجرد أعداد موجودة بالسجلات أو أرقام فى سجل المرتبات بينما تنظر الإدارة المعاصرة للموارد البشرية باعتبارهم عقولاً ومن ثم موردًا ثمينًا يستحق الاستثمار فيه بالتدريب المستمر والتقييم الموضوعى للأداء وفق معايير محددة ثم الحفز الايجابى لمن يجيد والحفز السلبى (الجزاءات بأنواعها) لمن يقصر والفرق كبير بالطبع بين نمطى الإدارة التقليدية السائدة والإدارة المعاصرة. وهنا تثور عدة تساؤلات مثل: هل تقدم الإدارة للعاملين بالهيئة لسكك حديد مصر هذا القدر من الاهتمام؟ وكم هو الأجر الشهرى والحوافز المقدمة؟ وهل يكفى أن يكون متوسط المرتب الشهرى

لقائد القطار 1600 ألف وستمائة جنيه بينما يعمل فى ظروف عمل صعبة وخطيرة كما هو الحال فى مصر من إلقاء حجارة علي القطارات وقطع السكة وغيرها.
إن قصور الموارد المالية يؤثر بلا شك على كفاءة التشغيل وسلامة الناس لكن يمكن  فى رأى بحث عدة بدائل تمويلية لتحويل السيمافورات للتشغيل الأوتوماتيكى وشراء مستلزمات الصيانة من زيوت وقطع غيار وغيرها. ومن هذه البدائل (1) اشراك القطاع الخاص ليضخ ـ كشريك ـ استثمارات الأزمة. (2) ويمكن بالإضافة لذلك خصخصة الإدارة. (3) كما يمكن تخصيص جانب من المساعدات المالية الأجنبية كقروض أو منح لا ترد لتمويل هذه الاستثمارات. (4) الاستعانة بشركة أجنبية بموجب عقد إدارة، وهو بديل تستخدمه كثير من الفنادق والمستشفيات فى مصر. فحينما تغيب الإدارة الحكومية الفاعلة يتحتم الاستعانة بمديرين أكفاء فى إدارة هذا النوع من خدمات النقل العام كما تفعل الفنادق المصرية وبعض المستشفيات.
وبالإضافة لأى من البدائل السابقة، فلابد من التدريب المستمر للعاملين علي كافة المستويات والتخصصات، ومن ثم يمكن اعتبارهم عقولا يمكن إشراكها فى وضع الأهداف وصنع القرارات،كذلك يتعين وضع معايير موضوعية للأداء فى كافة الوظائف الفنية والإدارية كأساس لقياس الأداء وتحديد الانحرافات عن هذه المعايير، ومن ثم يمكن صنع القرارات العلاجية على أسس سليمة.
وبالإضافة لما تقدم يتعين تواجد فريق مدرب على إدارة الأزمات بالهيئة العامة لسكك حديد مصر لا يقتصر عمله على وضع وتنفيذ خطط إدارة الأزمات بل تخيل أسوأ ما يمكن أن يقع من مخاطر ومن ثم يمكن اتخاذ التدابير الكافية لمنع وقوع الأزمة. إن أهم سمة لفرق الأزمات ليست مجرد إدارة ما يقع من أزمات بل قدرتها على تصور كافة المخاطر لمنع وقوع الأزمة أساسًا ورشاقة معالجتها إن وقعت.

أستاذ الإدارة ـ جامعة بنها
[email protected]