رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

زنازين عدالتهم

حدثتني إحدى قريباتي المتشددات التي لم أرها منذ زمن بعيد والتي لم أكن اعرف أنها تنتمي لفصيل بعينه كنت وما زلت أعتقد فى تشدده رغم كل ما يحاول منظروه أن ينشروه بين الناس عن وسطيتهم وبعدهم عن الشطط والتطرف، وللأسف فقد شنت على أرائي السياسية والاجتماعية

بل وعلى شخصي هجوما حادا دون تفرقة، ولم أعجب أو استغرب هذا الهجوم لعلمي بثقافة المتشددين وأنهم يرون فقط النصف الفارغ من الكوب، فهم أبدا لا يرون الأخر ولا يقدرون له رأيا أو فكرا لمجرد اختلافه معهم فى الرؤى السياسية والاجتماعية ويرجعون ذلك الخلاف فورا الى الدين رغم أن الامر ليس كذلك لو كانوا يعلمون ، فهذا هو مبدأهم الأثير (إن لم تكن معنا فأنت علينا) وان كنت معنا فأنت مع الله ولا فأنت حتما لست مع الله، فثقافة قندهار التي يحملها البعض منهم والتي كان للفكر الوهابي المظلم الذي غزى مصر فى العقدين الأخيرين دخل كبير فيه, كان لتلك الثقافة بالغ الأثرعليهم من حيث قبول الآخر، وقد دفعتها تلك الثقافة المتشددة أن تتخذ موقف مسبق من كل ما قرأته سواء كانت أراء سياسية أو اجتماعية لمجرد انها قرأت كلمه واحده قد ترى هى فيها شيئا مخالفا للدين، أو وصفا لكاتب بأنه مبدع وهو بالفعل كذلك ولكنها تراه غير ذلك لنقده الدائم للمتشددين، حتى ما كتبته عن ضرورة حماية صحة المواطنين بعدم الذبح بالشوارع والتوقف عن إراقة دماء الحيوانات انهارا بشوارعنا لما تمثله من مخاطر صحية جسيمة وضرورة الالتزام بالذبح بالأماكن ألمخصصه لذلك، ورغم ما كل ما أوردته فى مقالي (المصريون قربانا ) من شرح وتفصيل وسرد لحقائق علمية مؤكدة، إلا أنها اعتبرته كلام فارغ بل واتخذت موقفا مسبقا باسم الدين وكأنهم هم فقط حماة الدين وسدنته ، بل وقررت أن تحجر على فكرى وتحبس أراءى ، فلم تلقى أيضا تلك المقالة عندها أدنى استحسان بل على العكس اعتبرته خروجا عن الناموس ونبذا للعقائد وإنكارا لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ,وتلك هى معضلة المتشددين وثقافتهم التى لا تقبل الاخر بل وتقصيه، ولو فكر المتشددون من أمثالها قليلا بحيادية ودون تصنيف للناس من هم معهم ومن هم عليهم ، وارتكنوا إلى العلم والفكر وتقبلوا الأخر دون البحث خلف النوايا لنصلح حال بلادنا الذي تردى طويلا، وبغض النظر عما تركته كلماتها فى نفسي من أثر إلا أنها جعلتني أتأكد وبما لايدع مجالا للشك أن المتشددين

أيا كان الفصيل الذي ينتمون إليه هم خطر داهم على مستقبل البلاد السياسي والأجتماعى , وتأكدت أيضا أننا نجحنا فى القضاء على الحزب الوطني وأتينا بألف وطني جديد، فما حدث فى الانتخابات من تجاوزات خطيرة رآها الجميع ورصدتها جهات كثيرة مراقبون ووسائل إعلام، تلك التجاوزات التي تشبه ما كان يفعله النظام البائد، فتزوير الانتخابات ليس فقط بتسويد البطاقات ولكن بالتأثير على إرادة الناخب وشراء أصواته باسم الدين، فما حدث ورأيناه بأعيينا جميعا لم يكن فصيلا سياسيا على الاطلاق بل كان الحزب الوطني فرع المعاملات الإسلامية، وحقيقة فقد أصبحت ألان خائفا على بلادي من حكم المتشددين ،اعلم أنهم قد يأتون إلى الحكم وان حدث سيأتون بانتخابات حرة نزيهة ، ولكني أخاف من أن تكون آخر انتخابات نزيهة تشهدها البلاد، هل ضعفت ذاكرتنا لننسى هكذا بسرعة أنهم من رفضوا المشاركة فى الثورة فى أيامها الأولى بدعوى حرمة الخروج على الحاكم أو الانتظار لما تسفر عنه الأحداث، ثم يتصدرون المشهد الآن باسم الدين ليوجهوا شعبا بات معظمه من البسطاء والأميين.

إن ما قامت به تلك السيدة المتشددة من هجوم شديد وعدم قبول للآخر حتى وان كانت هي فى الأصل من عوام المتشددين، إلا انه  يثير مخاوفنا حول طبيعة حكم المتشددين, فهل سيسمحون بالراى والراى الآخر أم سيكممون الأفواه , هل سيحافظون على الحرية التي منحتها لنا ثورتنا المجيدة أم سيستبدلون الانتخابات بالبيعة ويكون السمع والطاعة بديلا عن الديموقراطية , هل سيؤسسون لدولة القانون دولة الحق والعدل ويسمحون بالراى والراى الآخر، أم سيفعلون كما فعلت قريبتي المتشددة ويفتحون زنازين عدالتهم لأمثالنا من المعارضين.
-------------------
استشاري طب الأطفال
[email protected]