عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لن أكتب مهزوما

بمناسبة حلول العيد السعيد ، قررت أن لا أكتب اليوم عن السياسة وهمومها وليكن مقال اليوم عن الشعر الهوى ، فمنذ مطلع شبابي وأنا أتابع كثيرا مما يكتبه الشعراء والأدباء فى الحب والهوى ، ولم أكن أدرى ساعتها لماذا هم دوما مجروحون ،

فهم دائما جرحى معارك غرامية ، كنت ساعتها أقرؤها غير عابئ أن كانت تجارب حقيقية أم هي خيالات ماجنة مجون الشعراء ،  فلم أجد كاتبا كتب يوما انه خرج منها سليما معافى ، ولم أجد شاعرا يكتب إلا وشعرته وأحسست به جريحا ، فهل هم حقا ضحايا معارك غرامية حقيقية ؟ أم أنها معارك تصنعها خيالاتهم الماجنة ؟ وقررت أن ابحث فى الأمر وعدت إلى بعض مما قرأت لكتاب كنت وما زلت أعشقهم وأعدت قراءة بعض رواياتهم وأشعارهم ، ووجدتني وكأني لم أقرأهم من قبل ، واكتشفت أن الألم والمعاناة هي دافعهم الأقوى للكتابة عن العشق والهوى ، فالشاعر قد يكتب فى الرثاء حزينا وقد يكتب فى المديح منتشيا أو مفتعلا راغبا فى المال والعطايا ، وقد يكتب فى الفخر منتصرا ولكنه أبدا لا يكتب في الحب إلا جريحا منهزما ، فأصحاب المعلقات جميعا عاشوا تلك المعاناة ، وعلى رأسهم عنترة العبسى الذي حارب الدنيا من أجل أن يظفر بمحبوبنه التي حرم منها ، ولأنه قد عانى الحرمان فقد كتب فيها أعظم ما كتب شعراء العرب فمعلقته التي منها:

ولقد ذكرتـك والرمـاح نواهـل مني..... وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيـل السيـوف لأنهـا..........لمعت كبـارق ثغـرك المتبسـم

  ثم يهيم قائلا :
إلى كم أداري من تريد مذلتي .......وأبذل جهدي في رضاها وتغضب
عبيلة ! أيام الجمال قليلة.................. لها دولة معلومة ثم تذهب
فلا تحسبي أني على البعد نادم........ ولا القلب في نار الغرام معذب
وقد قلت إني قد سلوت عن الهوى .....ومن كان مثلي لا

يقول ويكذب
هجرتك فامضي حيث شئت وجربي... من الناس غيري فاللبيب يجرب

وتخيلت لو أن عنترة قد ظفر بمحبوبته يوما هل كان سيكتب كل هذا الشعر فى هواها ، بالطبع لا! فقد كان سينشغل عن حبها بمشاكل المال والعيال وطلبات العيد ، ولكانت دبت بينهم مشاجرات ومشاكل عائلية كانت كفيلة أن يخرج عنترة عن شعره العذري ، ويكتب  لنا شعرا أسودا كئيبا فى هم من هموم الحياة ومشاكل الأبناء ، أو فى كيفية التخلص من رائحة البصل التي تفوح من يدي زوجته ، أو ربما كان كتب فى كيفية التخلص من زوجته نفسها ، ولكانت انسدت نفسه ونفس أهله عن كتابة الشعر ذاته  ، نحمد الله أن عنترة وأمثاله قد عاشوا طويلا وعانوا كثيرا قبل أن يظفروا بمحبوباتهم ، وآلا كنا قد حرمنا نحن محبي الشعر من هذا الفيض الشعري الذي خرج من قلوب جريحة وقرائح اعتصرها الألم كتبت وأبدعت  فقط وهى جريحة مهزومة ، وأحمد الله أنى لم أكتب يوما فى الحب واحمده أكثر على رائحة البصل ، وبما اننى  لا أرضى لنفسي كل هذا الهوان فلن اكتب أبدا فى الحب  ولن أكتب يوما مهزوما.  
-----------
استشارى طب الأطفال
الأمين العام المساعد لحزب الوسط بالفيوم
[email protected]