رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فتنة فى الأرض وفساد كبير

تابعت كما تابع الكثيرون إضراب أمناء الشرطة واعتصامهم أمام وزارة الداخلية اعتراضا منهم على تردى أحوالهم المعيشية، وقلت متعجبا! هل من حق من ساهم فى تردى أحوال المجتمع ان يثور هو طالبا تحسين أوضاعه؟،

بالطبع فقد ساءت أحوالهم المعيشية فقد كانوا يعيشون على إتاوات ما انفكوا يفرضونها على البسطاء من أبناء هذا الشعب، وعدت بذاكرتى ليناير الماضى وكانت الثورة فى أوج قوتها، وتذكرت ذلك العامل البسيط فى الهيئة التى أعمل بها وكيف كان سعيدا بالثورة، بل ويذهب الى القاهرة يوميا للمشاركة فى الثورة فخورا ممتنا لكل الشعب رغم المخاطر الجمة للسفر فى ذلك التوقيت، فى الوقت الذى كنا نحن المثقفون ومن حولنا جميعا مرتعدين خوفا على البلاد وعلى حياة أبنائنا، ولأنى كنت أعتقد خطأ أنه سعيد بزوال حكم مبارك أو انتهاء عملية التوريث الى غير رجعة، أو سعيد لنهاية النهب المنظم لثروات البلاد لعقود طويلة أو ربما كان سعيدا بسبب التحول الديمقراطى المؤكد التى ستشهده البلاد حتما بعد تلك الثورة العظيمة، ولفرط سعادته وتعبيره عنها فقد سألته قائلا: بالطبع أنت سعيد لزوال هذا النظام الفاسد وأننا سنضمن ألا نورث بعد اليوم ؟ ففاجأتنى اجابته التى عقدت لسانى حين قال لا طبعا يا دكتور أنا سعيد جدا لأنه من الآن فصاعدا لن يستوقفنى أمين الشرطة ليأخذ منى عشرين جنيها وإلا لن يسمح لى بالمرور، قلت له أى مرور وأنت كما أعلم لا تملك سيارة، فقال المرور على قدمى، وحكى لى كيف أنه كلما سافر الى القاهرة ومنذ لحظة وصوله الى منطقة  نادى الرماية بالهرم وبمجرد وصوله ونزوله من الميكروباص، دائما ما يستوقفه أمين شرطة أو ربما أكثر طالبين منه إبراز هويته، ثم يطلبون منه مالا وإلا لن يستردها منهم، ولأنه رجل بسيط فكان طبعا يدفع الإتاوة صاغرا حتى وإن كانت آخر ما معه من نقود يحتاجها ليعود الى بيته، وسألته ولماذا تدفع لهم وأنت لم تفعل شيئا؟ فقال لو لم أدفع (هيخدونى تحرى يا بيه) . كان هذا وما زال هو منظوره للثورة التى خلصته من فتوات الداخلية وإتاواتهم، وعرفت منه سبب مخاطرته بحياته بالسفر من الفيوم  للقاهرة ذهابا وإيابا، فلم يكن الرجل يشارك مخاطرا بحياته من أجل ان يرحل مبارك أو يسجن، أو من اجل الحرية والديمقراطية أو كلمات المثقفين السفسطائية، ولكنه كان يذهب يوميا ليبحث عن هذا غير الأمين وزملائه من أمناء الشرطة، ليقتص منهم عن سنوات من القهر حرموه فيها من ان يستمتع بحقه كمواطن فى ان يزور العاصمة، كما نسعد نحن دوما أهل الأقاليم عندما نزور العاصمة، فقد حولوا زيارته وأمثاله من البسطاء لجحيم مقيم وذل مهين، هذا الرجل الذى احتفظ

بسره ولم يبح به حتى لزوجته خجلا، عاش ينتظر هذا اليوم ليقتص من أمناء الشرطة، ولم يكن المسكين يدرى أنه وحده من تعرض لهذا الظلم من تلك الفئة الضالة، القادمة فى معظمها من اصول فقيرة جدا راغبة فى حياة أفضل على حساب البسطاء، فالثورة عند البسطاء لم تكن ثورة ضد مبارك وابنه ونظامه، بقدر ما كانت ثورة ضد عدد غير قليل من رجال الشرطة، دون أن يستطيعوا حتى الشكوى لخجلهم او ربما لخوفهم، وهذا ما يفسر هجوم كثير من هؤلاء البسطاء الطيبين غير المسجلين على اقسام الشرطة فى الأيام الأولى للثورة بحثا عن هؤلاء غير الأمناء للفتك بهم، والعجيب أن هؤلاء هم من يضربون ويعتصمون الآن مهددين بعدم المشاركة فى حماية الانتخابات،  متى حميتم أنفسكم لتحمونا؟، لقد هربتم مع اول اختبار حقيقى أمام من ظلمتم من بسطاء هذا الشعب، ليس من حقكم أن تهددونا فعليكم فقط أن تتواروا خجلا مما اقترفت أيديكم فى حق الشعب، فليس لهؤلاء الحق أن يضربوا أو يتظاهروا، عليهم فقط ان يكفروا عما اقترفته ايديهم الآثمة فى حق بسطاء هذا الشعب، ويا أيها الشعب لا تبتئس، فنحن نعيش بلا أمن منذ شهور وما زلنا على قيد الحياة، ويا وزير الداخلية الطيب وزارتك على ما نعلم  تخضع لقوانين عسكرية صارمة، وليست وزارة للشئون الاجتماعية، فلتحلهم للمحاكمات  ولتنهى خدمة المشاغبين منهم، وتعتقل كل من يخرج منهم عن القانون مهددا أمن وسلامة أبناء الشعب، ما داموا قد حصلوا على حقوقهم وأكثر كما تقول، ولكنهم لن يشبعوا أبدا، فمن عاش على دماء بسطاء الشعب لن يتورع  أبدا عن أن يبتذ حكومة الشعب، فلتحسم يا سيدى الوزير أمرك، وإن لم تفعل فلتكن فتنة فى الأرض وفساد كبير.
---------
استشارى طب الأطفال
الأمين العام المساعد لحزب الوسط بالفيوم