البحث عن ريشه
كلما اقتربت الانتخابات وتابعت ما فعله البعض في الأشهر القليلة الماضية من استقطاب للنخب بشتى الوسائل ، وما فعلوه مع دهماء الناس وعوامهم على حد سواء ، لا أدرى لماذا أتذكر الشيخ ريشه ، تلك الشخصية التي كتبها المبدع وحيد حامد في روايته الرائعة دم الغزال،
فريشه ذلك الطبال الذي قهره اللص الهجام لم يجد ملجئا غير الجماعة (مع الفارق طبعا ) ليستقوى بها على غريمه الهجام ، ودائما ما تستوقفني كلمات ألأمير الذي ذهب إليه أفراد الجماعة سائلين عما يجب أن يفعلوه حيال ريشه الطبال الذي طلب أن ينضم إليهم ، فكان رده لا باس ضموه للجماعة ، فان صلح فهو لنا وان أسر أو قتل فلم نخسر واحدا منا ، ذلك تحديدا هو ما تفعله الجماعة مع كل النخب السياسية منها والمهنية ، فبمجرد أن صرح لهم بالحزب الوليد , بدأت اكبر عملية استقطاب مورست على المصريين منذ عهد الإتحاد الأشتراكى البائد ، فقد طرقوا أبواب الجميع وخاصة النخب المهنية والشخصيات العامة والنقابية ، لم يتركوا أحدا إلا وسعوا إليه واعدين الجميع بجنة الخلد وملك لا يبلى ، وهذا أمر لا يعيبهم بل على العكس هو أمر يا حبذا لو استطاعت باقي القوى السياسية أن تفعله، ولكن يبقى التحفظ على الوسائل ، فنحن نربأ بهم وبتاريخهم النضالي الطويل أن يكون هذا المبدأ هو السائد بينهم ، فمن باب حسنات الأبرار سيئات المقربين لن نستسيغ أو نقبل أبدا أن تبرر الغاية أيا كان نبلها الوسيلة ، لا نرضى لهم أبدا أن يكونوا كمثل التاجر الذي يذهب إلى السوق لا ليبيع ويشترى ، ولكن فقط لتبور بضاعة الآخرين أو بالمعنى العامي(ربط دماغ) ، فبعد أن تم وعد الجميع تأتى القوائم فلا تجد فيها واحدا ممن وعدوا ، بل تأتى القوائم وعليها فقط كثير من الجماعة وبعض من الفلول ، وما حدث في االاعداد للانتخابات ألبرلمانيه هو ذاته ما حدث في انتخابات النقابات المهنية ، فتحول الجميع دون أن يدرى إلى الشيخ ريشه ذلك الذي إن كان معنا فهو ليس علينا ، وان سجن أو قتل ما خسرنا واحدا منا ، يبقى هذا المنهج في رأيي هو أكبر خطأ وقعت فيه الجماعة وحزبها الوليد فمن انضموا على أنهم كبار ووعدوا بما يليق بهم ولم يحصلوا على شئ ، هم بالقطع يشعرون ألان جميعا أنهم كلهم ريشه ، وهذا أيضا ما دفع بعض من القيادات لأن تعلن انشقاقها عن حزب الجماعة بل وترشحها ضده على قوائم أحزاب أخرى ، وهذا هو
حدثني صديقي أستاذ جراحة العيون الشهير عما حدث معه وبعض من زملائنا في انتخابات نقابة الأطباء ، وحكى لي عن سعيهم إليه لينضم للحزب وأن يكون من أحد مؤسسيه كأحد أهم رموز منطقة مصر القديمة ، فقد كان والده رحمه الله أيضا من اشهر رموز القاهرة ، وحدثني عن مدى سعادته شخصيا بهذا السعي قائلا أنت تعلم كيف كنا نحبهم ونرغب أن نكون معهم منذ أن كنا بالجامعة ، ولكن كانت الموانع الأمنية تمنعنا من ذلك ، وبأسى وألم شديدين قال صديقي : لم أكن أتخيل أبدا ما حدث في انتخابات نقابة الأطباء، فلم يتركوا واحدا منا إلا وطلبوا منه أن يستعد للترشيح وأنهم لن يرضوا بغيره بديلا ، وكيف ذهل من كم التحول والمناورة ، وكيف أنهم في اللحظات الأخيرة تخلوا عن الجميع لصالح أبناء الجماعة غير عابئين بنا أو بما قدمناه في الأشهر الماضية ، ومن إيماننا بأن ما تقدمة لهم هو واجب وطني تجاه فصيا عانى كثيرا من الظلم والقهر في وقت تخاذل فيه الآخرين ، وبانفعال سألني عن رأيي فيما قال ولماذا أنا صامت؟ ...فبادرته قائلا لا تغضب يا صديقي فكلكم ريشه.
-------
استشارى طب الأطفال
الأمين العام لحزب الوسط بالفيوم