رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

امرأة العزيز2 ( زيارة السيدة الأولى)

حكايات السيدة الأولى معنا طويلة لا تنتهي، طويلة بطول ثلاثين عاما ما فتأت تسقى رعايا العزيز صنوف الذل والهوان، ففي العام 2003ولأن لكل عزيز امرأته فقد أصرت زوجتي أن ننتقل للسكنى بحي لطف الله الراقي ،

وتحديدا بشارع أحمد شوقي بجوار فيلا المحافظ وبجوار بعض من صديقاتها ممن ينتمون إلى الطبقة الأرستقراطية بالفيوم، ورغم كراهيتي الشديدة للعيش بالأحياء الصاخبة  ولكنني نزولا على رغبتها وبمنطق المغلوب على أمره انتقلنا بالفعل لحيها الأثير،وليتني ما فعلت، فلم يمضى عدة أشهر إلا وهاتفتنى زوجتي فور خروجى متجها إلى عملى بصوت مرتعد طالبة عودتى للمنزل على الفور فمباحث أمن الدولة تقف على بابى طالبة لقائى، وأسرعت عائدا إلى بيتي متسائلا ماذا تريد منى أمن الدولة؟ فأنا كنت وما زلت مواطن صالح مسالم ملتزم بكل القوانين الكونية السماوية منها والارضيه ،ومرت الدقائق المعدودة التي تفصلني عن بيتي وكأنها سنوات ، وعلى باب منزلي وبمجرد وصولي بادرني من يبدو انه قائدهم في لباسه المدني بسؤالي عن بياناتي وبيانات جميع المترددين على بيتي من زوار أو أقارب أو كل من شاء حظه العاثر أن يعرفني ، فبادرت على الفور بالأجابه على جميع تساؤلاته بسرعة فائقة ودقه شديدة ودونما حتى السؤال عن الأسباب ، ولاحظ الرجل ما ألم بي فقال بصوت هادئ وأدب جم لا تنزعج يا دكتور فنحن فقط نجمع بيانات كل من يسكن بهذا الشارع لدواعي أمنية تخص تأمين زيارة السيدة الأولى ، وتنفست الصعداء وابتلعت لعابي مستجمعا ما بقى لدى من شجاعة قائلا وما لنا نحن والسيدة الأولى؟ ، فقال الرجل تلك دواعي أمنيه ولذا فمطلوب منا جميعا أن نلتزم بالتعليمات وأن ننفذها بكل صرامة ، فبدءا من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهر يحظر عليكم تماما فتح النوافذ المطلة على الشارع أو النظر منها مع الحرص على نقل سياراتكم الخاصة وإبعادها إلى شارع جانبي لمسافة لا تقل عن مائتي متر، مع التزام المنزل وعدم الخروج حتى انتهاء الزيارة ، فأومأت له برأسي مؤكد على التزامي وعائلتي بكل التعليمات ، وبالفعل فقد شرعت في المساء بنقل سيارتي بناءا على التعليمات مؤكدا على زوجتي وأطفالي بضرورة أن نلتزم حرفيا بتعليمات الأمن حتى لا نعكر على سيدتنا الأولى صفو زيارتها لقصر ثقافتنا الميمون ، وخلدت إلى النوم مكتئبا حزينا متسائلا عن سبب واحد قد يضع المواطنين قيد الإقامة الجبرية وحرمانهم من حرياتهم وتعطيل مصالحهم لمجرد زيارة أيا كان من سيقوم بها ، ولم أكد أستمتع بقليل من النوم ألا واستيقظت في الخامسة صباحا على صوت مكبرات صوتيه تنادى على سكان الشارع بضرورة الاستيقاظ فورا لنقل سياراتهم ، وأكد المنادى مهددا أن كل سيارة لن يتم نقلها في خلال نصف ساعة سيقوم الونش بسحبها إلى إدارة المرور، ورغم اننى متأكد من نقلى لسيارتي ولحرصي على ألا أتحول من مواطن صالح إلى مواطن سوابق ، فقد هرولت من فوري إلى الشارع  مؤكدا للسادة ضباط المرور المجندين منذ الخامسة صباحا لإخلاء الشوارع للهانم بان السيارات المجودة تحت منزلي لا تؤول إلينا . وفى الثامنة وقبل موعد الإقامة الجبرية بساعة كاملة خرجت لإحضار طعام الإفطار وحليب الأطفال وعدت قبل التاسعة بنصف الساعة فوجدت شارعنا وبطول عدة كيلومترات وقد تحول إلى ثكنة عسكرية واننى ممنوع من العودة إلى بيتي حتى انتهاء الزيارة ، وحاولت مرارا وتكرارا بلا فائدة فاتجهت إلى اكبر ظابط موجود وكان برتبة عميد وقلت له إننا ما زلنا قبل التاسعة واننى لابد وان أعود إلى منزلي الذي يبعد خطوات معدودة حاملا طعام الإفطار لأبنائي ، فقال الرجل اهدأ يا دكتور فأنا أعرفك ولأنني أعرفك فأرجوك وحفاظا على أمنك وحياتك أولا ،أرجوك أن تبقى هنا ولا تحاول عبور الشارع تحت اى ظرف ،فقلت له لن أبقى هنا تاركا اطفالى أبدا واننى سأعبر الشارع أيا كانت النتائج فأمسك الرجل بتلابيبي صارخا مذعورا(هيضربوك ويضربوني بالنار) ، وأشفقت على الرجل وعلى نفسي وأدركت أنه مقهور مثلي ، ووقفت حائرا ماذا افعل هل أبقى هنا طوال اليوم وفى

هذا الحر الشديد وخطرت لي فكرة لماذا لا أحاول الوصول إلى سيارتي بالشارع الجانبي ، وبالفعل نجحت وبعد عدد غير قليل من المناورات أن اصل إليها وقدتها متوجها خلف الحي الراقي بعيدا عن شارعنا المشئوم، وحاولت الالتفاف حول الحى لأجد وسيلة تمكنني من العودة الى بيتى دون جدوى ، وبقيت هكذا لساعات ادور فى حلقات مفرغة صنعها رجال المرور كلها فى النهاية لا تؤدى الى حيث اسكن ، وبقيت على هذا الحال حتى الواحدة ويا ليتنى استمعت للضابط ولم ابرح المكان فقد شاهدت وأنا أدور بسيارتى المريحة نوعا ما ، شاهدت مئاسى شعبنا البائس شاهدت أمهات تحملن أطفالهن عائدين من رياض الأطفال ويدرن بالشوارع الجانبية ناقمين ساخطين داعين الله أن يهلك السيدة الأولى وأهلها أجمعين ، رأيت عمالا يقفون بالشوارع الجانبية غير قادرين على الوصول إلى متاجرهم المغلقة بفعل زيارة السيدة الأولى ، رأيت سيارات السرفيس وحافلات المدارس المكدسة بالأطفال في قيظ الحر تدور بالشوارع الخلفية والممرات الضيقة التي صنعها رجال المرور ، وتصهر من بداخلها تحت وطأة الذل وشدة الحر، وتمنيت ساعتها ألا أكون ولدت يوما في هذه البلاد ونادما على كل الفرص التي واتتني للبقاء في أوروبا حين كنت مبتعثا هناك ،أشفقت على أولادي من حياة كتلك في كنف السيدة الأولى ووريثها المنتظر ، وقلت يا ألهى أكل هذا من اجل زيارة امرأة العزيز لقصر ثقافتنا ودعوت الله ألا يفكر في زيارتنا العزيز نفسه والا كانت كارثة على من بقى من أهل المدينة .....وانتهت الزيارة وعدت إلى بيتي أحمل على كاهلي كل صنوف الذل والمهانة ، راجيا من زوجتي أن تجمع حاجيتنا لنعود حيث كنا بعيدا عن طريق السيدة الأولى، وداعيا الله أن يحييني حتى أراها ذليلة وأهلها وكل من ساهم في ذل وقهر الشعب من أجل إسعاد عائلة السيدة الأولى ... تلك القصة القصيرة اهديها لكل من يسأل لماذا انتفض الشعب ولماذا ثار لماذا خرجت كل تلك الملايين من البشر يحمل كل منهم جرحا لأحد من أتباع وأذناب ونظام  وأسرة السيدة الأولى . تلك حكاية قد تبدو بسيطة أمام عذابات كثيرة لأناس لم يفعلوا شيئا غير أنهم عاشوا في أزهى عصور الديموقراطية عصر السيدة الأولى . والى كل من يسعى أن يكون عزيزا لمصر، نريدك أنت فقط وليس أبناءك وسيدتك الأولى ، كن عزيزا في أهلك قبل أن تكون عزيزا على شعبك ، وتذكر دائما أن الشعب قد خرج على من سبقك ثائرا صارخا  يا أيها العزيز أصابنا وأهلنا الضر وجئنا بطاعة مسجاة فلم توف لنا الكيل ولم تتصدق علينا ولم تك أبدا من المحسنين.
------------------
استشاري طب الأطفال
الأمين العام المساعد لحزب الوسط بالفيوم