رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجدى زين الدين يكتب: صفحة وطنية فى تاريخ ثورة 1919

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

غداً 9 مارس هو عيد ثورة 1919، تلك الثورة التى حققت إنجازات ضخمة فى التاريخ المصرى. وكانت الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين فى ثورة 1919 صفة مميزة للثورة ومن أبرز إنجازاتها، فقد اشتد تيار الثورة القائم على الوطنية، تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع» إلى درجة مكّنته من إزالة الخلافات والشكوك بين شِقَّى الأمة، وكان دور القادة ذوى الفكر المستنير إلى جانب دور رواد الصحافة من أهم العوامل والمؤثرات التى أدت إلى تعميق وتقوية الوحدة بين أبناء الوطن الواحد. وقد نشرت الصحف المصرية بالتحبيذ والتأييد مظاهر ومواقف الوحدة السياسية بين المصريين كافة فى مواجهة الاحتلال البريطانى.. ووصفت بعناية مظاهر الاندماج الاجتماعى بين سائر أبناء الوطن.

ونجح قادة الثورة فى الرد على افتراءات رجال الاحتلال والاتهامات التى وجّهوها للشعب الثائر لإثارة الشكوك والخلافات بين أفراده أتباع الديانات المختلفة وضرب وحدتهم. وكان الاعتراف البريطانى باستقلال مصر إنجازاً سياسياً كبيراً لثورة 1919، فرغم أنه لم يحقق الجلاء الفورى لقوات الاحتلال من أرض مصر، فإنه كان الأساس الذى قام عليه نظام الحكم، فقد صدر الدستور عام 1923، مقرراً سلطة الشعب وحقه الشرعى فى حكم نفسه بنفسه ومحدداً لحقوق المصريين وحريتهم السياسية، وبناء عليه تألف المجلس النيابى سنة 1924 وألغيت الامتيازات الأجنبية.

«يحيا الهلال مع الصليب» كان شعار الوحدة الوطنية فى ثورة 1919 وقد امتزجت كل المشاعر الوطنية بين المسلمين والمسيحيين فى هذه الثورة، وللوحدة الوطنية فى ثورة 1919 منهج حياة سيظل نبراساً لكل الثورات فيما بعد، وهو ما تجلى واضحاً فى ثورة 30 يونيو 2013، ومن خلال دراسات تناولت الوحدة الوطنية فى هذه الثورة، نجد أن هناك مفاهيم كثيرة فجّرتها قضية الوحدة الوطنية فى هذه الثورة العظيمة.

فى يوم 9 مارس 1919، تم نفى الزعيم خالد الذكر سعد زغلول مع زملائه الثلاثة، وهم: حمد باشا الباسل الذى كان يمثل العروبة فى مصر وكان أكبرهم سناً وعضواً فى الجمعية التشريعية ومحمد باشا محمود وهو ابن محمود باشا سليمان الذى كان يعتبر وقتذاك قطب أقطاب الصعيد والذى قيل إنه عُرض عليه منصب الملك وأبى، وإسماعيل باشا صدقى الذى كان عقلية جبارة فذة. ولماذا النفى إلى مالطة؟!.. كان لهذا النفى دلالة، فالخديو عباس عندما تم خلعه فى ديسمبر عام 1914 كان له حزب فى مصر يتمتع بقوة ويتصل بالصحافة والأوساط الثقافية وجميع أنصار الخديو تم نفيهم إلى مالطة، وعلى رأسهم أمير الشعراء أحمد شوقى. ولذلك فإن فكرة نفى سعد وزملائه الثلاثة إلى مالطة كانت خبيثة، وهى تعنى طالما تم النفى فلن يعودوا أبداً إلى مصر. وهنا أضرب طلبة المدارس العليا والثانوية، واندلعت الثورة بين جميع فئات الشعب بطول البلاد وعرضها وتصدى الإنجليز للثوار وحصل الصدام بين المصريين وقوات الاحتلال البريطانى، وأطلق الإنجليز النار على المتظاهرين، بعد انضمام الفلاحين والعمال والموظفين مسلمين وأقباطاً إلى هذه

الثورة العظيمة.

ولما اندلعت ثورة 1919، اتفق الجميع فى الاتجاه والشعور والعمل، فالسلطان والأمراء والفلاحون والموظفون والتجار والمثقفون ورجال الدين والآداب والفنون كانوا على قلب رجل واحد.. السلطان أحمد فؤاد المعين من جانب الإنجليز كان له شعور وطنى، ورغم أنه كان مستنيراً، إلا أنه كان وطنياً منتمياً إلى الأمة المصرية وفى جميع المراحل التى مرت بها ثورة 1919 كان السلطان فؤاد يستقبل من يقصده من الشعب ويستمع إليه، وهذا الأمر ينطبق على جميع أمراء مصر بلا استثناء، فمثلاً محمد على توفيق وهو ابن الخديو توفيق، كان يستقبل فى بيته سعد زغلول والقائمين بالحركة الوطنية، والأمير عمر طوسون فى الإسكندرية نشأت فى قصره الوفدية، والأمير كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كان يستقبل سعد باشا، والأمير يوسف كمال تزعم يوم 13 نوفمبر 1920 الحفل الذى أقيم بفندق شبرد بالقاهرة فى الذكرى الثانية لعيد الجهاد الوطنى وألقى خطبة فياضة أدهشت الحاضرين.

والأمير عباس حليم كان وفدياً واشترك فى الحركة الوفدية حتى عام 1930، هذه الوقائع أذكرها من مذكرات فخرى بك عبدالنور وهى جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر.

وفى المقدمة التى كتبها الراحل الكريم مصطفى أمين لمذكرات فخرى عبدالنور، أحد المناضلين فى ثورة 1919 يقول: «إنه عندما ألف سعد زغلول الوفد نظّمه فى طبقات من القادة، إذا نفيت الطبقة الأولى، برزت الطبقة الثانية لتتولى الزعامة، وإذا أعدمت الطبقة الثانية وقفت الطبقة الثالثة تقود المعركة دون أن تتوقف لحظة واحدة.. فكان فريق يسلم العلم إلى الفريق الذى يليه، وكل عضو جديد يدخل القيادة وهو يعلم أنه فى طريقه إلى المشنقة أو الاعتقال أو مصادرة الأموال دون أن يتردد».. هذه صفحة وطنية من تاريخ الأمة المصرية، فثورة 1919 هى الثورة الأم لما جاء بعدها من ثورات، فتحيةً خالصةً من الوجدان لشعب مصر، هذا الشعب العظيم الذى لا يوجد مثيل له فى الدنيا كلها.

[email protected]