عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في عيد الجلاء.. المصريون طهروا الأرض من الدنس بدمائهم

تظاهرات المصريون
تظاهرات المصريون ضد الانجليز

صمود الشعب المصرى كان سببا فى جلاء آخر جندي إنجليزي عن الأراضي المصرية فى الثامن عشر من يونيو عام 1956، بعد توقيع اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا فى 19 أكتوبر 1954، ليحتفل المصريون بـ"عيد الجلاء"، للقضاء على الاستعمار فى مصر بعد أن روت دماء الشهداء الأراضى المصرية على مدى سنوات من النضال والتضحية ثمنًا للدفاع عن البلاد.

 

"عيد الجلاء" يعيد إلى الذاكرة نضال الشعب المصري وتضحياته التي تعيش في وجدان المصريين جيلا بعد جيل، من ثورة عرابي ضد غزو الأساطيل والجيوش البريطانية، وثورة 1919 الوطنية التي قادها سعد زغلول، وانتفاضة الشعب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإضراب جميع الطوائف بمن فيهم ضباط الشرطة الذين اعتصموا بنواديهم في أكتوبر عام 1947 وأبريل عام 1948، والكفاح المسلح ضد القوات البريطانية في قناة السويس فور رفع الأحكام العرفية بعد انتهاء حرب فلسطين، وانتهاء باستمرار هذا الكفاح بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، إلى أن تحقق الجلاء في يوم 18 يونيو 1956 بعد احتلال دام أكثر  من 73 عاما.

 

جلاء الإنجليز عن أكبر عن قاعدة حربية لبريطانيا في الشرق الأوسط "قاعدة قناة السويس"، التى كانت تمتد بطول القناة من بورسعيد حتى ميناء الأديبة على خليج السويس، وأقامت بريطانيا على طول القناة سلسلة من الاستحكامات والمطارات والمنشآت العسكرية، وكان مقرهم الرئيسى فى "فايد"، وكانت "أبو سلطان" مستودعًا للذخيرة والمفرقعات، وشيدوا أبو صوير المطار العسكري المشهور، وتحولت التل الكبير إلى معسكرات.

 

وبموجب الاتفاقية نجحت مصر فى تسلم منشآت تقدر قيمتها فى حينها بـ60 مليون جنيه، من بينها 23 منشأة، و10 مطارات كاملة، وعلى رأسها  مطار أبو صوير ومطار الدفرسوار الواقع في الركن الشمالي الغربي للبحيرة المرة الكبرى بجوار القناة، فضلا عن استعادة بيت البحرية ببورسعيد، ميناء الأدبية بخليج السويس، معسكرات الإسماعيلية، وما جاورها، معسكرات التل الكبير، معسكر الشلوفة، وثكنات ومبان ومصانع ومخازن وورش ومحطات توليد الكهرباء ووابورات للمياه وسكك حديدية وقاطرات وكبار، أرصفة الموانئ، وخط أنابيب البترول بين السويس والقاهرة، وتقدر قيمته بمليونين ونصف مليون جنيه.

 

انضمام الجيش إلى الشعب المصرى فى معركة التحرير وجلاء الإنجليز، كان أهم نتائج ثورة 23 يوليو، ما جعل الاحتلال يرى أن انضمام القوتين العظمتين فى الثورة يجعل بقاء الاحتلال في إلى شبر من أراضى الوطن أمرًا مستحيلا، ولا خيار سوى الجلاء عن منطقة القناة، ورسمت حكومة الثورة

عام 1953 خطوط الكفاح، وأمدته بالعون والتنظيم.

 

وتأزم الوضع وتوتر في يوليو عام 1953، وأنذر قائد قوات بريطانيا الحكومة المصرية بضرورة عودة أحد رجال الطيران المختفي، في موعد أقصاه الساعة التاسعة، فى صباح الاثنين 13 يوليو، حتى لا تستخدم إجراءات شديدة تثير الذعر بين المدنيين المصريين في الإسماعيلية.

 

ازدادت حوادث المقاومة المسلحة فى القناة ضد الإنجليز، قدمت السفارة البريطانية إلى مصر احتجاجا على زيادة عدد الحوادث في نوفمبر عام 1953، وأمنعت بريطانيا فى العدوان على مصر بعد مؤازرة أمريكا لها، فى ديسمبر 1953 اجتمع أقطاب الغرب في "برمودة"، وحدثت حركة واسعة داخل معسكرات القناة، وتعددت الحوادث ضد الجنود الإنجليز، بعدها أعلن سلوين لويد، وزير بريطانيا، أنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع مصر، فى حال استمرار الحوادث، واختفاء الجنود الإنجليز فى القناة.

 

وفى 27 يوليو عام 1954، توصل الطرفان إلى إبرام الاتفاقية الأولى للمبادئ الرئيسية للاتفاق النهائي المقترح إعداده لتنظيم الجلاء، ووقعها الطرفان بالأحرف الأولى، في بقاعة الاجتماعات بدار مجلس الوزراء، ووقعها عن الجانب المصري الرئيس جمال عبدالناصر، وعن الجانب البريطاني أنتوني هيد، وزير الحربية البريطانية.

 

وفي 19 أكتوبر عام 1954، تم إبرام عقد الاتفاق النهائي التفصيلي المتضمن تنظيم عملية الجلاء وأحكامها، وكان رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، يعارض دائما مسألة الجلاء عن مصر، ولكنه اضطر تحت ضغط الظروف والتطور أن يذعن لإرادة الشعب المصري، وكان أنطوني إيدن، وزيرا للخارجية، وقال في صدد الاتفاق "إن الجلاء عن قاعدة قناة السويس أفضل بكثير من الإبقاء على ثمانين ألف جندي محاصرين من شعب معاد لهم".