عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اختلاف المطالع وأثره في صيام رمضان

بوابة الوفد الإلكترونية

وعن اختلاف المطالع وأثره في صيام رمضان يقول الدكتور عبد الحليم منصور رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر ، فرع الدقهلية :

1 - اقتضت الحكمة الإلهية أن يتفرق سكان الأرض على سطحها ليعمروها ، ويقوموا بخلافة الله فيها ، وتبع ذلك بالضرورة ، اختلاف مواقع البلاد على الكرة الأرضية ، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، واقتضى نظام سير الكواكب ، لاسيما الشمس والقمر ، اختلافا وتفاوتا في مواقيت العبادات المقدرة بشروق الشمس وغروبها ، وزوالها كالصلوات الخمس ، والمقدرة بثبوت الأهلة كالصوم ، فتشرق الشمس على قوم قبل أن تشرق على آخرين ، بساعة وساعتين وثلاث ساعات ، وأكثر من ذلك على حسب التباعد بين الجهتين شرقا وغربا ، فبينما تكون بلاد في وقت المغرب وحلول لإفطار في رمضان تكون أخرى في وقت الشروق ، أو الزوال ، أو العصر ، لأن كل ساعة من ساعات الليل والنهار ، هي طلوع الفجر ، وشروق الشمس ، وهي وقت الضحى والزوال والعصر والغروب ، وهي وقت ظلمة الليل ، أوله ووسطه وآخره ، على حسب مواقع البلاد ، ولذلك لا يمكن أن توحد مواقيت الصلاة اليومية ، ولا أوقات الإمساك والإفطار في أيام رمضان ، في جميع الأقطار الإسلامية ، ما دامت الأوضاع الكونية قاضية بتفاوت تلك المواقيت ، وما دام هذا التفاوت هو الواقع المشاهد ، وكذلك نفس اختلاف مواقع القمر مما وقع الاتفاق عليه ، ولا يمكن جحده أو المكابرة فيه ، وهذا مما لا يختلف فيه المسلمون .
2 - كما أنه لا خلاف بين الفقهاء أيضا في أنه يجب على المسلمين على سبيل الكفاية أن يلتمسوا هلال رمضان في اليوم التاسع والعشرين من شعبان فإذا رأوه صاموا وإن غم عليهم أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا بعد ذلك .
3 - ولا خلاف بين الفقهاء أيضا في أن الشهر العربي يكون تسعا وعشرين يوما ويكون ثلاثين يوما وأن الاعتبار في تحديد شهر رمضان إنما هو بالرؤية لما ثبت في الصحيحين عن النبي  أنه قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما
4 - لما كان من الثابت واقعيا وعلميا والمشاهد حسيا أن الهلال يرى في بعض البلاد بعد غروب الشمس ولا يرى في بعضها إلا في الليلة التالية ، ومن ثم فاختلاف مطالع الهلال أمر واقعي مشاهد وظاهرة كونية لا جدال فيها ، وخلاف فيها بين المسلمين .
5 - وقع الخلاف بين الفقهاء في مدى الاعتداد باختلاف مطالع الهلال ، أو عدم الاعتداد بها بحيث لو رأى الهلال أهل بلد هل يلزم الصوم باقي البلاد الأخرى أو لا ؟
6 - اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة آراء :
الرأي الأول : ذهب الحنفية في ظاهر المذهب  والمالكية في المشهور عندهم  والحنابلة في الصحيح عندهم  إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع في صيام رمضان وأنه إذا رئي الهلال في بلد لزم سائر بلاد المسلمين الصوم عملا برؤية هذا البلد سواء كانت هذه البلاد قريبة أو بعيدة وسواء كانت دون مسافة القصر أو لا ، فيجب على جميع المسلمين الصيام في هــذه الحالة .
الرأي الثاني : ذهب الشافعية في الراجح عندهم  والحنابلة في قول  إلى أن رمضان إذا ثبت في بلد لزم أهل هذا المكان الصوم وما في حكمه من الأماكن القربية منه ، وهذا ما ذهب إليه بعض الحنفية وبعض الحنابلة وبعض التابعين كالقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر وعكرمة .
الرأي الثالث : ذهب الشافعية في وجه عندهم حكاه الماوردي إلى أن الهلال إذا رؤي في بلد لا يلزم البلاد الأخرى الصيام بهذه الرؤية وكل بلد له رؤيته المستقلة
الرأي الرابع : روي عن الإمام مالك وابن الماجشون أن رؤية الهلال في بلد لا تكون ملزمة لأهل البلاد الأخرى إلا أن يثبت ذلك عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم

لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع .
7 - الرأي الراجح :
- من خلال ما تقدم من عرض لآراء الفقهاء في هذه المسألة يبدو لي رجحان ما ذهب إليه جمهور الفقهاء القائلون بأن رؤية الهلال في بلد تكون ملزمة لأهل البلاد الأخرى سواء كانت البلاد قريبة أو بعيدة وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها وخلوها عن المعارض القوي لا سيما وأن الأدلة التي علقت صيام رمضان على رؤية الهلال مثل قوله  صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " لم تخصص بلدا دون بلد ولم تتقيد بما إذا كانت البلاد قريبة أو بعيدة ومن ثم فاللفظ جاء مطلقا وخاليا عن التقييد ومن يدعي خلاف ما يقتضيه إطلاق النصوص فعليه أن يأتي بما يدل على تقييد هذه الأحاديث .
- كما أننا نعيش في هذه الأيام عصر التكنولوجيا والمعلومات التي يمكن من خلالها أن يصل خبر الرؤية إلى جميع بقاع الدنيا في ثوان معدودة بل إننا أصبحنا نشاهد القمر بالوسائل العلمية الحديثة كالأقمار الصناعية وغيرها لحظة ولادته ، وكل هذا يقوي الاتجاه الذي نميل إلى ترجيحه والعمل بموجبه
- لاسيما والعلوم الفلكية تؤيد توحيد أول الشهر العربي بين الحكومات الإسلامية لأن أقصى مدة بين مطلع القمر في أقصى بلد إسلامي وبين مطلعه في أقصى بلد إسلامي آخر هو نحو تسع ساعات ، فتكون بلاد الإسلام كلها مشتركة في أجزاء من الليل تمكنها من الصيام عند ثبوت الرؤية والتبليغ بها برقيا أو هاتفيا أو ما شابه ذلك .
- وهذا الاتجاه هو ما رجحه الإمام الشوكاني بقوله : والذي ينبغي اعتماده هو ما ذهب إليه المالكية وجماعة من الزيدية واختاره المهدي منهم وحكاه القرطبي عن شيوخه أنه إذا رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلها .
- وبالإضافة إلى هذا فإننا أمة وحد القرآن بين صفوفها وبين قلوبها فجميل أيضا أن تتحد الأمة في بدء هذه العبادة ونهايتها ليصوم المسلمون في يوم واحد ويفطرون في يوم واحد ويفرحون في يوم العيد معا في وقت واحد ليكون هذا العمل هو نواة لوحدة الأمة في شتى المجالات الأخرى العلمية والاقتصادية والسياسية وغيرها من المجلات الأخرى لتظهر الأمة بذلك كله معدنها الغالي النفيس لتستطيع بعد ذلك أن تستعيد كرامتها ومجد آبائها السالف . والله أعلم
- حمى الله الوطن ، وجعل مصر بلدا آمنا مطمئنا ، سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، وأعاد علينا رمضان بالخير واليمن والبركات ، وجعلنا أهلا للرحمة ، والمغفرة ، والعتق من النار ، ووحد بين صفوفنا وجمعنا على كلمة سواء ، إنه على كل شيء قدير ، وبالإجابة جدير .