رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شيخ الأزهر: الإسلام أمر بعدم إخراج المطلقات من بيت الزوجية في عدتهن

فضيلة الإمام الأكبر
فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن مما يتعلق بموضوع الطلاق فى الإسلام مسألةُ الطَّلاق الشَّفهي أو «الإشهادِ على الطلاق» أو: «توثيقِ الطَّلاق» أو غير ذلك من الأسماء التي قد تتداخل معانيها وتحتاج إلى شيءٍ من البيان والتحديد.

 

اقرأ أيضًا: شيخ الأزهر يتوجه إلى مملكة البحرين للمشاركة في ملتقى الحوار بين الشرق والغرب

 

وأضاف فضيلته اليوم الخميس خلال الحلقة الثانية والعشرين من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» أن ما يُمكن قوله في هذا المقام هو: بيانُ ما وَرَدَ في أول سورة الطَّلاق مما يتعلق بهذا الشأن، فقد وردت في أوَّلِ آيتين من هذه السورة تكاليفُ في صيغة أوامر، تُــبَيِّن للمُسلِمين أنَّه: إذا عزم أحدهم على طلاق زوجته فعليه أنْ يُطلقَها في بدايةِ عِدَّتها، وفي طُهْرٍ لم يتماسَّا فيه، وأن يتَّقوا الله في ذلك، وألَّا يُخْرجوا المطلَّقاتِ من بيت الزوجية أثناء عِدَّتهن، وألَّا يَخرُجْن من تلقاء أنفسهن حتى تنقضي عدتهن، اللهم إلَّا في حالةٍ نادرة الوقوع، هي حالة اقتراف الفاحشة، اقترافًا بَيِّنًا واضحًا لا مجالَ فيه لشكٍّ أو اشتباه. ثم تُذكِّرهم الآية بأن هذه حدودٌ حدَّها الله تعالى، لا يجوز لمؤمنٍ أن يَتعدَّاها.


وأكد شيخ الأزهر أن مَدارُ هذه الآية الأولى هنا هي على بقاء المطلَّقة في بيت الزوجية مع زوجها، والسِّرُّ في ذلك ما تنصُّ عليه الآية من رجاءِ أنْ يُحْدِثَ اللهُ تعالى من الأسباب -في فترة العِدَّة- ما عساه أنْ يحمل الزوجَ على تغيير رأيه في زوجته فيُراجعَها قبل أن تخرج من عِدَّتِها.. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].


وتابع فضيلته أن الآية الثانية تأتي لتُبيِّن أنَّه إذا لم يحدثْ بينهما جديد، وأوشكت عِدَّة الزوجة على الانتهاء فليس أمام الزوج -شرعًا- إلَّا أحدُ أمرين: إمَّا أنْ يراجع زوجته بالمعروف، وإمَّا أنْ يُفارقها بالمعروف أيضًا، بأن يعطيها حقوقها، ويتركَها وشأنها من غير طلاق، وعلى الزوج حينئذٍ أن يُشْهِدَ شاهدي عدل على ما يتخذه من هذين الموقفين: الرجعة أو المفارقة: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطَّلاق:2-3]. وخُلاصَة ما في الآية الأولى والثانية من أحكامٍ تشريعيَّةٍ هو: الطَّلاق لأوَّل العِدَّة في الآية الأولى، ثم: الرجعة والإشهاد عليها في الآية الثانية.


اكد شيخ الأزهر  أنَّ جمهرةَ علماء التفسير، وجمهرةَ أئمَّة مذاهب أهل السُّنَّة  ذهبت إلى أنَّ   مَن يُطلِّق زوجته بدون إشهاد لا إثم عليه، وطلاقه واقع، إذ استكمل شروط الوقوع، وأهمها: ألَّا يكون الطَّلاق في حالة غضب أو حالة اضطرار.. وحُجَّة الجُمهور على ما ذهبوا إليه من وقوع الطَّلاق بغيرِ إشهادٍ أنَّه: «لم يُنقل عن النبي ﷺ، ولا عن أحدٍ من أصحابِه قول بأنَّ الإشهاد شرطٌ في الطلاق»، وهذا يدل على أنَّ الأمر بالإشهاد لم يكن على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الندب.. 


استكمل شيخ الازهر قائلا ان هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ناقشت الموضوع مناقشة تفصيليَّة على

مدى ستة أشهر، ثم أصدرت بيانها للناس في  الثامن من جمادى الأولى عام ألف وأربعمائة وثمان وثلاثين، الموافق الخامس من فبراير عام ألفين وسبعة عشر، وكان أهم ما ورد في بيانها هو: 

أوَّلًا: وقوع الطلاق الشَّفهي المستوفي أركانَه وشروطَه دون اشتراط إشهاد أو توثيق. 
ثانيًا: يجب على المطلِّق في كل الأحوال والظروف أن يسارع إلى توثيق طلاقه فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وحقوق أبنائها.. ونصَّ بيان الهيئة الموقَّرَة على أنَّ: «من حقِّ وليِّ الأمر شَرَعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل إيقاعَ عقوبةٍ تعزيريَّةٍ رادعةٍ على مَن يمتنع عن التوثيق أو يماطل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة».

ثالثًا: تحذير المسلمين من الاستهانة بأمرِ الطَّلاق، والتَّسَرُّع في هدم الأُسْرَة، وتشريد الأطفال والأولاد، وتعريضهم للضَّياع والأمراض الجَسَديَّة والنَّفْسِيَّة والخُلُقيَّة، وأنه إذا استُنفِدت كلُّ وسائل الإصلاح، وتحتَّم الفِراق، وقرَّر الزوجان الطَّلاق؛ فعلى الزوج أنْ يلتزم بعد طلاقه بالتَّوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا لظُلْم المطلَّقة.. كما اقترحت الهيئة أن يُعادَ النَّظرُ في تقدير النَّفقات التي تترتَّبُ على الطَّلاق بما يُساعد المطلَّقة ويُعينها على حُسْنِ تربيةِ أولادها. 

 

واختتم شيخ الأزهر حلقته بأن خُلاصَة الأمر أنَّ هيئة كِبار العُلماء تُشجِّع على توثيق الطَّلاق، وتُطالب بسَنِّ قانون يُلزم الزوج بالتوثيق، ولكن لا تستطيع الهيئة أن تفتي بأن الطَّلاق المستوفيَ للشروط إذا صدر من الزوج بدون إشهاد أو توثيق لا يقع، وكأنَّه لم يكن، بل ترى أن هذا الرأي مخالف لما استقرَّ عليه جمهور فقهاء أهل السُّنَّة، بل جمهور المسلمين.. وأنَّ مذاهب الفقه التي يجري عليها العمل في أقطار أهل السُّنَّة، والتي تُدرَّس في الأزهر منذ أكثر من ألف عام وحتى اليوم ليس فيها هذا الرأي.

 

وقال شيخ الأزهر بعد عرض ما جاء في بيان هيئة كبار العلماء: ونحن نرى أننا إذا أردنا أن نُناقشَ هذا الأمر، ونصل فيه إلى رأي جديد شرعًا؛ فإنَّه لا مفرَّ لنا من عقدِ مؤتمرٍ عالميٍّ جامع، يضمُّ علماء متخصصين ممثلين لدول العالم الإسلامي، يجتمعون فيه ويناقِشون وينتهون إلى رأيٍ يصبح هو الرأي المعتمد بالإجماع أو الأغلبية. إذْ من المعلوم أن ما ثبت بالإجماع لا يتغيَّر إلَّا بإجماعٍ مُماثل.