عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التوكل

 السنوسى محمد السنوسى
السنوسى محمد السنوسى

 

 

أمرنا الله تعالى بالسعى فى الأرض واكتشاف السنن التى أودعها فى كونه، وتسخيرها للهدف الذى خلق الإنسان له وهو العبادة؛ فقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (العنكبوت: 20).

كما أمرنا سبحانه بالتوكل عليه، وقَرَنَ ذلك بالإيمان؛ فقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (المائدة: 23). وبيَّن لنا جزاء التوكل؛ فقال: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: 3). وقد روى الترمذى من حديث عمر بن الخطاب عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا».

لكن البعض قعد وتكاسل، ثم أخذ يزعم أنه بهذا القعود والتكاسل متوكلٌ على الله! دون أن يدرى أنه بذلك يسىء لمفهوم التوكل ذاته إساءة بالغة! فالتوكل على الله تعالى هو عمل قلبى يعنى أن يتوجه القلب إلى الله وحده فيما يرجو ويؤمل، وفيما يخشى ويحاذر.. أما اتخاذ الأسباب النافعة والموصلة للهدف، فهذا عمل الجوارح لا عمل القلب، ولا يتنافى الأمران!

المتوكل على الله حقًا هو من يأخذ بالأسباب المشروعة لتحقيق الأهداف المشروعة.. وأما غير ذلك فيسمى متواكلًا لا متوكلاً. ورد أن عمر بن الخطاب لقى أناسًا، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون. قال:

بل أنتم المتكلون؛ إنما المتوكل الذى يُلْقِى حَبَّه فِى الأرض ويتوكل على الله.

والتهوين من شأن الأسباب، يُعَد غفلة عن حكمة الله فى الخَلق؛ حيث جعل سبحانه لكل شىء سببًا. ولو جاز ترك الأسباب، لكان النبى (صلى الله عليه وسلم) أولى الناس بهذا.. كما أن الاعتماد على الأسباب وحدها، يعد غفلة عن الله تعالى، وجهلًا بقدره العظيم؛ فهو سبحان مالك الأمر ومدبره. إذن، هى معادلة مهمة علينا أن نجمع بين أطرافها: من التوكل على الله والتعلق به سبحانه، ومن اتخاذ الأسباب، وعدم رؤية النفس وتعظيم فعلها.

والعجيب أن يترك البعض اتخاذ الأسباب ثم يزعم أن الله قد سخر له الآخرين لينتفع هو بنتائج عملهم دون عناء!! وكأنّ المسلم قد جاء للحياة ليكون نموذجًا فى البطالة لا العمل والفاعلية.. وكأن العبادة لا تكون إلا بالتكاسل!!