عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وزير الأوقاف يكتب " التدين الشكلي والنفعي"

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

 نشر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مقالًا جديدًا له على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، أن كثير من الناس ينخدعون بالزينة والطلاء عن المعدن والجوهر، وعلى الرغم من تأكيدنا أننا نحتاج إلى عظمة الشكل والمضمون معًا؛ لأنهما كالروح والجسد الذي لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا قيام له دونه ، فإن النظرة إليهما يجب أن تكون متوازنة ، وأن نعطي كلًّا منهما قيمته وقدره ونسبته دون شطط أو تجاوز أو إفراط أو تفريط ، فلا يأخذ الشكل أو المظهر أكثر مما يستحق ولا دون ما يستحق، وكذلك الأمر بالنسبة للمبنى والمعنى.

 

اقرأ أيضًا.. وزير الأوقاف في مقاله الجديد "الفضل وأهله"

 

وتابع وزير الأوقاف، لكن الحذر هو أن ننخدع بالمظهر وحده، فقد يحمل الإنسان في يده سيفًا ويقلده من الذهب والفضة ونفائس العقيان ما يظن أنه رافع من قيمته وشأنه، ويحيط نفسه بهالة من السيوف والدروع، غير أنه إذا كان مع ذلك جبانًا أو خائر القوى فلن تغني عنه دروعه ولا سيوفه يوم الروع شيئًا، ويظل البطل رابط الجأش قوي الشكيمة فوق كل جبان، مهما تحصن الجبناء بظواهر الأشياء أو مظاهرها الخداعة.

 

إن التوازن مطلوب في كل شيء غير أن الجوهر يظل جوهرًا ، والمظهر يظل مظهرًا، وما أجمل أن يجتمع للإنسان المظهر والجوهر معًا، على حد قول الرافعي (رحمه الله) :” إن خير النساء من كانت على جمال وجهها، في أخلاق كجمال وجهها، وكان عقلها جمالًا ثالثًا" .

 

ولا شك أن ظاهرة التدين الشكلي وظاهرة التدين النفعي تعدان من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية والإسلامية، خصوصًا من هؤلاء الذين يركزون على الشكل والمظهر ولو كان على حساب اللباب والجوهر، وإعطاء المظهر الشكلي الأولوية المطلقة، حتى لو لم يكن صاحب هذا المظهر على المستوى الإنسـاني والأخلاقـي الذي يجعـل منه القـدوة والمثل؛ ذلك أن صاحب المظهر الشكلي الذي لا يكون سلوكه متسقًا مع تعاليم الإسلام يُعدّ أحد أهم معالم الهدم والتنفير، فإذا كان المظهر مظهر المتدينين مع ما يصاحبه من سوء المعاملات، أو الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو أكل أموال الناس بالباطل، فإن الأمر هنا جد خطير، بل إن صاحبه يصبح  في عداد المنافقين، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ".


وكذلك من يحصر التدين في باب العبادات والاجتهاد فيها مع سوء الفهم للدين والإسراف في التكفير وحمل السلاح والخروج على الناس به، كما حدث من الخوارج الذين كانوا من أكثر الناس صلاة وصيامًا وقيامًا غير أنهم لم يأخذوا أنفسهم بالعلم الشرعي الكافي الذي يحجزهم عن الولوغ في الدماء، فخرجوا على الناس بسيوفهم، ولو طلبوا العلم أولًا - كما قال الإمام الشافعي (رحمه الله)- لحجزهم عن ذلك؛ فالإسلام دين رحمة قبل كل شيء، وكل ما يبعدك عن الرحمة يبعدك عن الإسلام، والعبرة بالسلوك السوي لا بمجرد القول، وقد قالوا: حال رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل لرجل.

 

على أن العبادات كلها لا تؤتي ثمرتها إلا إذا هذَّبت سلوك وأخلاق صاحبها، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، يقول الحق (سبحانه وتعالى): {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}، ومن لم ينهه صيامه عن قول الزور فلا صيام له، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، ولا يقبل الله – عز وجل– في الزكاة والصدقات إلا المال الطيب الطاهر ، يقول

نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ الله طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا"، ويقول (صلى الله عليه وسلم):" لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ"، وقبول الحج مرهون بالنفقة الحلال وحسن السلوك ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ "، وذكر (صلى الله عليه وسلم):" الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ " .


وأخطر من هذا التدين الشكلي التدين النفعي؛ ونعني به هذا الصنف الذي يتخذ الدين وسيلة ومطية للوصول إلى السلطة من خلال استغلال العواطف الدينية وحب الناس - وبخاصة العامة - لدينهم وإيهامهم بأن هدفه من الوصول إلى السلطة إنما فقط هو خدمة دين الله (عز وجل) والعمل على نصرته والتمكين له، ومع أننا لا نحكم على النوايا ولا نتدخل في أمر النيات فهي ما بين العبد وخالقه، وكل ونيته، فإن التجربة التي عشناها والواقع الذي جربناه مع جماعة الإخوان الإرهابية ومن دار في فلكها أو تحالف معها من الجماعات المتطرفة أكد لنا أمرين ؛ الأمر الأول : أن القضية عندهم لم تكن قضية دين على الإطلاق إنما كانت قضية صراع على السلطة بشَرَهٍ ونَهَمٍ لم نعرف لهما مثيلًا، وإقصاء للآخرين في عنجهية وصلف وغرور وتكبر واستعلاء، مما نفَّر الناسَ منهم ومن سلوكهم الذي صار عبئًا كبيرًا على الدين، وأصبحنا في حاجة إلى جهود كبيرة لمحو هذه الصورة السلبية التي ارتسمت في أذهان كثير من الناس رابطة بين سلوك هؤلاء الأدعياء وبين الدين.


الأمر الآخر: أنهم أساءوا لدينهم وشوهوا الوجه النقي لحضارته الراقية السمحة، وأثبتوا أنهم لا أهل دين ولا أهل كفاءة، وإلا فهل من الدين أن يخون الإنسان وطنه وأن يكشف أسراره ويبيع وثائقه ؟! وهل من الدين التحريض على العنف والقتل والفساد والإفساد وتشكيل ما يسمى باللجان النوعية التي تعيث في الأرض فسادًا في عمالة وخيانة غير مسبوقة، خيانة للوطن، وعمالة لأعدائه ؟!


وقد أكدت - وما زلت أؤكد – على أن هذه الجماعة الإرهابية التي وظفت الدين لخداع الناس وتحقيق مآربها السلطوية هي على استعداد للتحالف حتى مع الشيطان لتحقيق أهدافها ومطامعها السلطوية على حساب دينها أو حساب وطنها أو حساب أمتها.