عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالعُصاة والمذنبين

بوابة الوفد الإلكترونية

الرحمة من صفات المتقين وأحوج الناس إلى الرحمة هم العُصاة والمذنبون، ولكنهم يَحتاجون إلى رحمة التوجيه والهداية لطاعة الله، فإن الإسلام رحمة، والهداية والالتزام رحمة، وهناك أممٌ تنتظر منك أن تدلَّهم عليها، وأن تهديَهم بإذن الله إليها، وأن تأخذ بمجامع قلوبهم إلى الله، فتُحببهم في طاعة الله ومرضاته؛ قال صلى الله عليه وسلم: (أنا رحمةٌ مُهداة).

 

فمن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أخطاء الغير، يحكي خوَّات بن جُبير عن نفسه، فيقول‏:‏ نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران‏،‏ قال‏:‏ فخرجت من خبائي، فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبنني، فرجعت فاستخرجت حلة فلبستها، وجئت فجلست معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبة، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هِبته واختلطت، وقلت‏:‏ يا رسول الله، جمل لي شرد، فأنا أبتغي له قيدًا‏،‏ ومضى فاتبعته، فألقى إليّ رداءَه، ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضَّأ، فأقبل والماء يسيل على صدره من لحيته‏،‏ فقال‏:‏ (‏أبا عبدالله، ما فعل ذلك الجمل‏‏؟)،‏ وارتحلنا، فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال‏:‏ (‏السلام عليك أبا عبدالله، ما فعل شراد ذلك الجمل‏‏‏؟)،‏ فلما طال ذلك عليّ أتيتُ المسجد، فقمت أُصلِّي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره‏،‏ فجاء فصلى ركعتين، فطولت رجاء أن يذهب ويدَعني،‏ فقال‏:‏ (‏أبا عبدالله، طوِّل ما شئت أن تطوِّل، فلست بمنصرف حتى تنصرف‏)،‏‏ فقلت في نفسي‏:‏ والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبرئن صدره‏،‏ فلما انصرفت، قال‏:‏ ‏(‏السلام عليك أبا عبدالله، ما فعل شراد ذلك الجمل‏‏‏؟)‏، قلت‏:‏ والذي بعثك بالحق، ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت،‏ فقال‏:‏ ‏(‏يرحمك الله) ثلاثًا، ثم لم يعد لشيء مما كان‏.

 

الرحمة أفضل ما تكون بالدلالة على الخير، فكم من أناس هُدُوا إلى سواء السبيل، ودُلُّوا إلى المَعلَم والدليل، فأصابوا رحمة الله العظيم الجليل!

 

 

لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة فُتِحت أبوابها لإمرأة بَغِي من بغايا بني إسرائيل، لمجرد أنها سقت كلبًا عطشانَ، فأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن امرأة بغيًّا رأت كلبًا - في يوم حار - يُطيف ببئر قد أدلَع لسانَه من العطش، فنزَعت له بمُوقها - أي: استقت له بخُفِّها - فغُفِر لها).

 

فقد غفَر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعَلته من سقي هذا الكلب، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النار فُتِحت أبوابها لامرأة حبست هِرَّة؛ لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عُذِّبت امرأة في هرَّة؛ لم تطعمها، ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض)؛ أخرجه البخاري

ومسلم.

 

وقد حرَّم الإسلام تعذيب الحيوان، ولعَن المخالفين على مخالفتهم؛ فقد روى مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على حمار قد وُسِم في وجهه، فقال: (لعَن الله الذي وسَمه)، وفي رواية له: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه). وقد حرَّمت الشريعة الإسلامية تصبير البهائم؛ أي: أن تُحبَس لتُرمَى حتى تموت، كما حرَّمت الْمُثْلة وهي قطع أطراف الحيوان؛ فقد رُوِي عن ابن عمر أنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن تُصبَر بهيمة أو غيرها للقتل)؛ أخرجه الإمام أحمد.

 

وأخرج البخاري ومسلم عن المنهال بسنده إلى عبدالله بن عمر أنه قال: "لعَن النبي صلى الله عليه وسلم مَن مثَّل بالحيوان".

 

لقد رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيوان الأعجم من أن يُجوَّع أو يُحمَّل فوق طاقته، فقال في رحمة بالغة حين مَرَّ على بعير قد لحقه الهزال: (اتقُوا الله في هذه البهائم المُعجمة، ‏فاركَبوها صالحة، وكُلوها صالحَة)؛ أبو داود، وابن خزيمة، وقال الشيخ الألباني: صحيح.

 

بل هو يرحم الحيوان حتى في حالة ذبْحه، فإن كان لا بد أن يُذبَح، فلتكن عملية الذبح هذه رحيمة، فيقول: (إن الله كتَب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتُم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِد أحدكم شَفرته، ولْيُرِحْ ذبيحته)؛ أخرجه مسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، والدارمي، وابن حبان.

 

بل إنه صلى الله عليه وسلم يتجاوز البهائم إلى الطيور الصغيرة التي لا ينتفع بها الإنسان كنفعه بالبهائم، وانظر إلى رحمته بعصفور؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قتل عصفورًا عبثًا، عجَّ إلى الله عز وجل يوم القيامة منه يقول: يا رب، إن فلانًا قتلني عبثًا، ولم يَقتلني لمنفعة)؛ أخرجه النسائي، وأحمد، وابن حبان، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي.