رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعظيم حقوق المسلمين

 الدكتور حجازي فارس
الدكتور حجازي فارس امام وخطيب مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي

 

قال الدكتور حجازي فارس امام وخطيب مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، إنه روى مسلم أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ)، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.

 

وأضاف هذه الجملة الأخيرة ضع تحتها ألف خط وتفكر فيها: حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ. عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) [ هكذا فلتكون المواساة والمودة والرحمة.

 

روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) وشبك بين أصابعه.

 

قال الإمام النووي رحمه الله: "هذا الحديث صريح في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعضٍ، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ". قال ابن حجر رحمه الله: "قوله: (شبك بين أصابعه) هو بيان لوجه التشبيه أيضًا، أي: يشد بعضهم بعضًا مثل هذا الشد، ويستفاد منه أن الذي يريد المبالغة في بيان أقواله يمثلها بحركاته؛ ليكون أوقع في نفس السامع". روى الشيخان عن النعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). قال ابن أبي جمرة رحمه الله: "الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف: فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضًا بأخوة الإيمان لا بسبب شيءٍ آخر، وأما التوادد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضًا كما يعطف الثوب عليه ليقويه". روى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه ولا يُسلِمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلمٍ كربةً فرج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة). أمن الرحمة أن تكون في

رغد من العيش وسعة من الرزق ومن أخنى عليهم الزمان في شدة من الضيق وألم من الإعسار؟!! أمن المروءة أن تتمتع بأصناف الغذاء وإخوانك المسلمون في الغوطة وغيرها يتألمون من الجوع في الصباح والمساء؟!! أمن المروءة أن تتمتع بملابس الزينة وإخوانك المسلمون يقتلهم برد الشتاء؟!! إن الغني الذي لا يحس بأن عليه للبؤساء والفقراء حقوقا وواجبات لقاسي القلب، خال من الشفقة، بعيد من رحمة الله {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]. ونبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في المواساة، قال الله تعالى في وصف مواساة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم للمؤمنين: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]. روى مسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: أن أصحاب الصفة كانوا ناسًا فقراء، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرةً: (من كان عنده طعام اثنين، فليذهب بثالثٍ، ومن كان عنده طعام أربعةٍ، فليذهب بخامسٍ، بسادسٍ)، وإن أبا بكرٍ جاء بثلاثةٍ، وانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرةٍ. روى الطبراني عن سهل بن حنيفٍ رضي الله عنه، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء (فقراء) المسلمين، ويزورهم، ويعُود مرضاهم، ويشهد جنائزهم". ولقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه معنى المواساة والإيثار فضربوا أروع الأمثلة في ذلك وخير مثال شاهد على هذا تلك المواساة التي قام بها الأنصار للمهاجرين رضي الله عنهم جميعا ويشهد لهم قول الله جل جلاله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].