تعرف على اسم الله القدوس
القدوس هو من أسماء الله الحسنى ولاسم الله القدوس معنيان، أما الأول فهو من القدس وهو الطهر، وفي القرآن على لسان الملائكة قالوا: (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة: 30].
فأصل التقديس التطهير؛ أي نطهِّرك عن النقائص وعن كل سوء، ونصفك بما يليق بعزك وجلالك من العلو...
أما المعنى الثاني: فالقدس هو البركة، وعليه فالأرض المقدسة هي المباركة، وحمل على ذلك قوله -تعالى-: (يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) [المائدة: 21]، وهي تلك الأرض التي وصفها الله في آية أخرى بقوله: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 71]، فوصفها بالبركة.
والخلاصة أن القدوس من أسماء الله -جل وعلا-، وأن معناه: المبارك الطاهر المطهَّر المنزَّه عن كل عيب ونقص وشين، المبرَّء من الند والشريك والصاحبة والولد والمثيل والشبيه والكفؤ والسميّ والمضاد، مع الإجلال والتعظيم، وهذا كله ما قرره الله -سبحانه وتعالى- في كتابه تقريرًا، فقال -عز من قائل-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11]، وقال: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 4]، وقال -سبحانه-: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم: 65]، وقال أيضًا: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ) [الأنعام: 101].
يقول ابن القيم في النونية:
هذا ومن أوصافه القدوس ذو التـ *** ــنـزيـه بالـتـعــظـيـم للرحمن
أيها المؤمنون: لقد ورد اسم الله القدوس في القرآن الكريم مرتين مقترنًا في كليهما باسم الله "الملك"، الأولى في سورة الحشر وهي قوله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) [الحشر:23]، والثانية في سورة الجمعة وتقول: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) [الجمعة: 1].
وفي السنة تخبرنا أم المؤمنين عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس، رب الملائكة
أيها المسلمون: الآن وقد أدركنا معنى اسم الله -عز وجل- القدوس، وعلمنا ما يجب أن ننزه عنه القدوس إجمالًا، فتعالوا بنا نستعرض ذلك تفصيلًا من خلال النقاط التالية:
أولًا: تنزيهه -تعالى- عن الشركاء والأنداد والصاحبة والولد: قال -عز وجل-: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء:111].
أن نثبت لله -تعالى- ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات: وهي مبثوثة في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة، وكلها للكمال والجمال والجلال، وشرط ذلك أن يكون من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وقد قال الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180].