رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على اسم الله الملك

بوابة الوفد الإلكترونية

الملك هو من أسماء الله الحسنى وأما اسم "المليك"، فقد ورد في موضعٍ واحد من القرآن الكريم وهو قوله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر:54-55]، ولما قال أبو بكر: يا رسول الله، علمني كلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، علَّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: "قل: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه..." (النسائي في الكبرى).

 

وقد وضَّح طائفة من العلماء الفرق بين هذه الأسماء الحسنى الثلاثة؛ فقالوا: الملك هو: صاحب الـمُلْك الذي ينفذ أمره في ملكه؛ فلا يرد أمره، ولا يعقب على حكمه.

 

أما المالك فهو صاحب الـمِلْك الذي يملك جميع أصناف المملوكات، ولا يتصرف مالك فيما ملَّكه الله إياه إلا بإذن الله المالك -سبحانه وتعالى-.

 

ولكل واحد من الاسمين معنى لا يوجد في الآخر؛ فالمالك يقدر على تصرفات لا يقدر عليه الملِك؛ فيستطيع أن يبيع ما يملك أو يهبه... والملِك -كذلك- يقدر على تصرفات لا يقدر عليها المالك؛ كالتصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته ورعاية مصالح الرعية، والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الله -عز وجل- أن الملك صفة لذاته، والمالك صفة لأفعاله (انظر: فتح القدير للشوكاني).

 

وأما المليك فهو الذي جمع الـمُلك والـمِلك كليهما، فهو المستحق الـمِلك المستولي -بحق- على الـمُلك.

 

أيها المسلمون: إن من تأمل حال ملوك الدنيا وعجزهم وضعفهم، أدرك أن العبد عبد والرب رب، وهذي بعض مظاهر ذلك:

الأولى: ملك العبيد يقل بالإنفاق؛ لأنه محدود، أما ملك الله فلا؛ لأنه مالك جميع أصناف المملوكات: وقد قرر الله -تعالى- هذه الحقيقة قائلًا: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) [النحل:96]؛ فملوك الدنيا إذا أعطوا نقص ملكُهم، أما الملكَ الحقَّ -سبحانه- فلا ينقص ملكه إغداق، فعن أبي ذر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" (مسلم).

 

الثانية: أن العبد لا بد أن يزول عن ملكه يومًا بموت أو سقم، أو ينتزع ملكه منه، أما الله -جل وعلا- فهو حي باقٍ لا يزول أبدًا، فهذا الملك المأمون عند موته يفرش رمادًا ويضطجع عليه، وهو يقول: "يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه"، وكان ملك آخر هو المعتصم بالله يقول عند موته: "لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت!"، واضطرب الملك المنتصر عند موته اضطرابًا شديدًا، فقيل له: "لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، فقال: "ليس

إلا هذا، لقد ذهبت الدنيا واقبلت الآخرة" (انظر: الإحياء للغزالي).

 

الثالثة: أن الله -عز وجل- ملك بذاته؛ فالـمُلك من خصائصه -سبحانه- التي لا تنفك عنه، فهو يأمر فيكون ما أمر، قال -تعالى-: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل:40]، فهو -تعالى- يأمر فتطيع الجمادات أمره -فضلًا عن الأحياء والعقلاء-، قال -جل شأنه-: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت:11]، فله -تعالى- على الجميع القهر والإذعان وهو فوقها الملك الحق -سبحانه-.

 

أما العبد فهو يحتاج إلى من يوليه ويملِّكه، وإذا ملك فإنما يستجدي الطاعة من رعيته وقد يشتري بالمال ولاءهم، وكم من ملك عُصي وخرج الناس عليه، أو انتزع من عرشه وضاعت هيبته.

 

وإن الذي يهب الملك وينزعه هو الله -جل شأنه- وحده، فهو القائل: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) [آل عمران:26]، نعم، فالله -تعالى- هو مالك الملك، يعطيه ويمنعه، يمكِّن منه وينزعه... أما العبد فهو ذلك العاجز الضعيف الذي يولى ولا يولي!

 

الرابعة: ملوك الأرض حتى من الصالحين إن وجبت طاعتهم على المسلمين فإنما هي طاعة مشروطة بحالة إذا أمروا بما يرضي الله -تعالى-؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" (متفق عليه)، أما طاعة ملك الملوك -سبحانه وتعالى- فهي طاعة مطلقة بلا تفكير ولا تريث ولا اختيار.

 

فسبحان الملك الأوحد الذي لا شريك له:

ملك تدين له الملوك ويلتجي *** يـــوم القــيــامـــة فـــقــــرهـــم بغناه

طــــــوعًا وكـــرهًا خاضعين لعزه *** وله عــلــيـــهــا الــطـــــوع والإكــراه

ما كان يعبد من مليك غيره *** والكـــل تـحــت القهر وهو إله

وبنى السموات العلا والعرش *** والكرسي ثم علا الجميع علاه.