ما معنى قول الله "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي"
التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين و قال الشيخ الشعراوي رحمه الله تكرر هذا القول فى القرآن أكثر من مرة، واختلف المفسرون فى معناه ، فقال بعضهم : المراد ولادة المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، على تشبيه الإيمان بالحياة وتشبيه الكفر بالموت ، ذلك أن المؤمن يفعل الخير ليسعد به ويسعد مجتمعه ، كالجسد إذا كان فيه الروح التى تبعثه على الحركة والنشاط ، والكافر لا يفعل خيرا يسعد به نفسه ويسعد مجتمعه ، كالجسد الذى سلبت منه الروح ، فلا تبقى معه حركة ولا نشاط ، وما يفعله الكافر إن سعد به فى دنياه فلا يسعد به فى أخراه ، وهي الدار الباقية ، كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان : 23 .
ويشهد لهذا المعنى ما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على نسائه فوجد معهن إحدى خالاته ، وهى خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث ، وكانت مؤمنة وكان أبوها كافرا فقال "سبحان الله الذى يخرج الحى من الميت " .
وقال بعض المفسرين إن المراد بالحياة والموت حقيقتهما ، فالله ينى الإنسان وهو حى من النطفة وهى ميتة، ويخرج النطفة وهى ميتة من الإنسان وهو حى، كما أنه يخرج الدجاجة وهى حية من البيضة وهى ميتة ، ويخرج البيضة وهى ميتة من الدجاجة وهى حية .
وإذا قيل : إن النطفة فيها حياة مستكنة أى فى أطوارها الأولى بسبب تلقيح البويضة بالحيوان المنوى، كما يقال ذلك فى بيضة الدجاجة الملقحة - فإن هذه الحياة كالموت بالنسبة للحياة بعد نفخ الروح فى الجنين ، حيث تكون الحركة والنشاط .
وعلى كل حال فالآية تدل على أمرين هامين ، أحدهما أن العالم ليس مخلوقا بطبيعته ، بل له خالق هو الله سبحانه ، لأن مطبوع الطبيعة لا يختلف ، كالآلة الصماء التى تخرج أفرادا متفقة لا تغاير فيها ، والله سبحانه يغير ويبدل بقدرته ، كما قال {قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير .
تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى الليل وتخرج الحى من الميت وتخرج الميت من الحى وترزق من تشاء بغير حساب } آل عمران : 26، 27 .
والأمر الثانى الذى تدل عليه الآية أن الذى خلق العالم إله واحد لا شريك له ، لأنه هو القادر على ذلك ، أما ما يعبده الكافرون فلا يستطيع أن يخلق كخلق الله ، قال تعالى {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } النحل : 17 .
وقال {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب } الحج : 73.