هل يجوز أخذ الفأل من المصحف ؟
يسأل الكثير من الناس هل يجوز أخذ الفأل من المصحف ؟ فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله وقال الفأل -كما يقول الماوردى فى كتابه " أدب الدنيا والدين " فيه تقوية للعزم وباعث على الخير ، ومعونة على الظفر . وقد جاء فى السنن والآثار أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن ، ويسأل عن اسم الرجل والبلد ، فإن كان حسنا استبشر وفرح ، وإلا رؤيت الكراهة فى وجهه .
وحوادثه فى ذلك كثيرة ، فقد تفاءل عندما جاءه سهيل بن عمرو فى الحديبية وقال " سهل لكم من أمركم " وتفاءل يوم خيبر لما رأى مكاتلهم فى مساحيهم ، كما ذكره ابن القيم فى " زاد المعاد " وحسنه ، ويمكن الاطلاع على كتاب " مفتاح دار السعادة " لابن القيم ففيه معلومات كثيرة .
وإذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يرتاح للاسم الحسن فليس معنى ذلك أنه يربط هذا السبب بنتيجة محققة دون تدخل لإرادة الله سبحانه ، فقد نهى عن ذلك فيما كان عليه العرب من التطير والرقى والتمائم والعدوى وغيرها ولهذا روى عنه أن الذى يتطير أو يتشاءم يسن له أن يقول : اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا خير إلا خيرك ، ولا إله غيرك ، اللهم لا يأتى بالحسنات إلا أنت ، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بك . ثم يذهب لحاجته فلن يضره شىء .
وذلك تذكير للإنسان بوحدانية الله سبحانه ، وأنه هو وحده الذى يملك الخير والشر، ولا تأثير لهذه الأمور بذاتها . ومن هنا حرم الإسلام محاولة معرفة المستقبل عن طريق الكهانة والعرافة والتنجيم وضرب الرمل والورق وغيرها .
ووردت فى ذلك أحاديث كثيرة وقال العلماء : لا يجوز أخذ الفأل من المصحف مع هذا الاعتقاد ، وجاء فى كتاب "أدب الدنيا والدين " للماوردى أن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف ، فخرج قوله تعالى { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد } إبراهيم : 51 ، فمزق المصحف وأنشأ يقول :
أتوعدنى بجبار عنيد * فها أنذاك جبار عنيد .
إذا ما جئت ربك يوم حشر * فقل : يا رب مزقنى الوليد .
فلم يلبث أياما حتى قتل شر قتلة ، وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده .
هذا ، وقد يحدث أن بعض الناس يعملون استخارة بالمصحف ، بأن يربطوه على مسمار ، ثم يحمله المسمار على أحدى الأصابع ، ويقولوا كلاما فيتحرك المصحف ويدور يمينا أو يسارا ، ومن هنا يعرفون إن كان الموضوع الذى عملت له الاستخارة خيرا أو شرا .
وهذا كله لم يأت خبر صحيح بجوازه ، والاستخارة الشرعية معروفة وهى صلاة ركعتين ، ثم الدعاء بعدهما بالدعاء المعروف الوارد عن النبى صلى الله عليه وسلم وسنفصلها فى موضع آخر إن شاء الله.