حكم جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة
يسأل الكثير من الناس عن هل يجوز جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة ؟ فأجاب الشيخ محمد عاشور العالم بالأوقاف وقال روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ، ومن مسَّ الحصا فقد لغا" .
قال العلماء : لقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اللغو حال خطبة الجمعة، وحكمته أن فيه تشويشا على الخطيب بالكلام أو بأى عمل آخر، وأن فيه انصرافا عن الاستماع إليه . قال أبو حنيفة ومالك والشافعى وعامة العلماء : يجب الإنصات للخطبة، وبخاصة إذا تلى فيها قرآن ، قال تعالى { وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } الأعراف : 204 ، وقال أيضا { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } فصلت : 26 .
وقال أبو حنيفة : يجب الإنصات حتى قبل الخطبة ، من حين خروج الإمام إليها . وقول الحديث : " ومن مس الحصا فقد لغا" يشير إلى أن كل ما يصرف الإنسان عن الاستماع إلى الخطبة يبطل ثواب الجمعة ، وذلك كمس الحصا الذى كان يفرش به المسجد النبوى، ومثله اللهو بالمسبحة وبأى شىء آخر، فهو لغو أى باطل مذموم . ولما كان حامل صندوق التبرعات منصرفا عن الاستماع ومشوشا على غيره بصوت النقود المعدنية التى تقرع قاع الصندوق ، وبمشيه بين الصفوف الذى قد يكون معه تخطً للرقاب وهو منهى عنه نهيا شديدا، وقد يشغل المتبرع بإخراج النقود فينصرف عن سماع الخطبة-لما كان ذلك كان
وقد جاء النهى عن تخطى الرقاب يوم الجمعة مقيدا بأنه يكون بعد خروج الإمام للخطبة ، كما فى رواية أحمد والطبرانى ، أو يكون أثناء الخطبة كما فى رواية لأحمد وأبى داود والنسائى وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما ، حيث رأى النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يتخطى رقاب الناس وهو يخطب ، فقال له " اجلس ، فقد آذيت " وجاء النهى مطلقا لم يقيد بهذين القيدين كما فى رواية ابن ماجة والترمذى " من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم " وقال الترمذى : حديث غريب ، أى رواه راو واحد فقط والعمل عليه عند أهل العلم .
واعتمادا على هذه الروايات يمكن أن يقال : لو كان جمع التبرعات قبل خروج الإمام للخطبة وليس فيه تخط للرقاب لم يكن ذلك ممنوعا .
والأفضل -كما قلنا-أن يكون ذلك بعد الانتهاء من الصلاة.