عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضل تعلّم القرآن الكريم وتعليمه

الدكتور ابراهيم البيومى
الدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب

إن تعلم القرآن الكريم والقيام بتعليمه وبيانه للناس من أفضل الأعمال وأجلّ القرب إلى الله ويحظى معلمه ومتعلمه بالخيرية في الدنيا والآخرة، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه». رواه البخاري

بهذا بدأ الدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول فضل تعلم القرءان وتعليمه واضاف قائلا:

وقد ذكر أهل العلم أن القيام بتعليم القرآن فرض كفاية، إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يوجد في المجتمع من يقوم بهذا الواجب إلا واحد أو قلة تعين عليهم، يقول الإمام النووي رحمه الله «تعليم المتعلمين - أي القرآن - فرض كفاية، فإن لم يكن من يصلح له إلا واحد تعين عليه، وإن كانت هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم فإن امتنعوا كلهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طلب من أحدهم وامتنع فأظهرُ الوجهين أنه لا يأثم، لكن يكره له ذلك إن لم يكن له عذر».

 

وتعليم القرآن الكريم باب عظيم من أبواب الدعوة إلى الله عز وجل ومجالاتها، قال تعالى «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (فصلت: 33). قال الحافظ ابن حجر «والدعاء إلى الله تعالى يقع بأمور شتى، من جملتها تعليم القرآن، وهو أشرف الجميع»، بل إن معلم القرآن والعامل به من خيار الأمة، فهو خيار من خيار، قال تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» (آل عمران: 110).

 

وما ذاك إلا لأن تعلم القرآن وتعليمه هو الأساس الذي يقوم عليه الدين وبه تعرف الشرائع والأحكام، وبنوره تستضيء الأمة وتسير على طريقه وتتربى على منهجه. وما يدل على أهمية تعليم القرآن وفضله على الفرد والمجتمع أن الله قد أخذ العهد والميثاق على كل أمة أنزل عليها كتابًا أن تتعلمه وتعلمه ولا تكتم منه شيئًا، أو تقصر في نشره وتبليغه، كما قال تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ» (آل عمران: 187).

 

وتعليم القرآن وتعلمه من أشرف العلوم وأعلاها منزلة، والمشتغلون به داعون إلى الخير، وأعظم الخير نشر العلم وأفضل العلم كلام الله عز وجل، وهم مثابون مأجورون بإذن الله عز وجل، وذلك لأن نفع تعليم القرآن من النفع المتعدي الدائم الذي يثاب عليه صاحبه ولو بعد مماته، عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من علَّم علمًا فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل».

واضاف الدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا:

وقد ذكر أهل العلم في كتبهم ومصنفاتهم فضل تعليم القرآن الكريم وتعليمه ونقلوا ذلك عن الصحابة وسلف هذه الأمة.

 

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال «عليكم بالقرآن فتعلَّموه وعلموه أبناءكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظًا لمن عقل». وقال ابن كثير «والغرض أنه عليه الصلاة والسلام قال خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه وهذه صفات المؤمنين المتبعين للرسل وهم الكمَّل في أنفسهم المكمِّلين لغيرهم، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ولا يتركون أحدًا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ» (النحل: 88). وكما قال تعالى: «وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ» (الأنعام: 26). فهذا شأن شرار الكفار، كما أن شأن الأخيار الأبرار أن يتكمل في نفسه وأن يسعى في تكميل غيره، كما قال عليه السلام «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه».

 

بل إن من العلماء مَنْ فَضَّل تعليم القرآن وتعلمه وقدَّمه على الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، فقد سئل الثوري عن الجهاد وإقراء القرآن أيهما أفضل؟ فرجح الثاني محتجًا بالحديث السابق.

 

ولهذا فقد حرص الصالحون من عباد الله والراغبون في الخير على تعلم القرآن وتعليمه، فاستثمروا في ذلك أوقاتهم وعمروا به مجالسهم وبذلوا جهودهم من أجله، والأمثلة على أقوالهم وأحوالهم في ذلك كثيرة، فقد كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يعلم الناس القرآن بمسجد البصرة مع كثرة مسؤولياته لأنه أمير البصرة، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: «بعثني الأشعري إلى عمر، فقال عمر: كيف تركت الأشعري ؟ فقلت: تركته يعلم الناس، فقال عمر: إنه كيس، ولا تسمعها إياه».