تأملات في سورة الشورى
التدبر فى القرآن الكريم من صفات المؤمنين وكان مبدأ الشّورى شائعًا ومتداولًا منذ عهد النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، وهو مبدأٌ يقوم على التّشاور بين المؤمنين في أيّ أمرٍ من أمورهم، ويعود بالنّفع على مصلحة المسلمين عامّةً، وقد سمّيت سورةٌ كاملةٌ في القرآن الكريم باسمه؛ تعظيمًا له وتأكيدًا من الله -تعالى- على أهمّيته، وفيما يأتي سيتمّ تناول جانبٍ من تأمّلاتٍ في سورة الشّورى، مع الوقوف عند بعض المواضع فيها لبيان دقائقها، ففي قوله -تعالى-: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}، يمكن التّساؤل حول وجوه قراءات القرآن الجّائزة في {يَعْلَمَ} فتأتي الإجابة كما يأتي: يجوز الجّزم على ظاهر العطف، وأمّا الرّفع فجائزٌ على الاستئناف، وأمّا النّصب فجائزٌ للعطف على تعليلٍ محذوفٍ وتقديره: لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون.
وفي قوله -تعالى-: {وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاء قَدِيرٌ} وتحديدًا في قوله: {وَما بَثَّ}، فإنّه يجوز الرّفع والجرّ وحمله على المضاف أو المضاف إليه، فإذا ما قيل في الآية الكريمة {فِيهِما مِنْ دابَّةٍ}: لمَ جاز فيها ذلك والدّوابّ في
أمّا في قوله -تعالى-: {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ* وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}، إنّه قد ثبت عن الآية الكريمة السّابقة في مصاحف العراق {فَبِما كَسَبَتْ}؛ أي بإثبات الفاء على تضمين "ما" معنى الشرط، أمّا في مصاحف أهل المدينة فنجدها {ِبمَا كَسِبِتْ} بغير فاءٍ على أنّ "ما" مبتدأةٌ، و"بما كسبت" هي الخبر بدون تضمين معنى الشّرط، والآية هنا مخصوصةٌ بالمجرمين، ولا يوجد مانعٌ من استيفاء اللّه.