رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات في سورة القلم

بوابة الوفد الإلكترونية

تتمحور سورة القلم حول ثلاثة مواضيع، موضوع رسالة النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وما أثاره كفّار مكّة من الشّبهات حول دعوته، وقصّة أصحاب البستان وما أنزله الله بهم نتيجة كفرهم، وأهوال الآخرة وشدائدها، وما أعدّه الله للفريقين، ولكنّ المحور الرئيسيّ للسّورة هو إثبات رسالة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وللوقوف على تأملات في سورة القلم، فقد تمّ اختيار هذه الآية من سورة القلم، قال الله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}.

 

وقال في سورة الطور: {وَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ}،فمن الملاحظ أنّ الله تعالى زاد في الآية التي من سورة الطّور على الآية التي من سورة القلم بـ "بكاهن" فما هو السّبب؟ فقد وجد أكثر من سبب لذلك، ومن هذه الأسباب:

 

إن الله تعالى قد فصّل في سورة الطّور بذكر ما قاله المشركون في النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه كاهن ومجنون وشاعر، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}، كما أنّهم قالوا عنه بأنّه كاذب، لقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ}.

 

بينما لم يذكر سوى قولهم إنّه مجنون في سورة القلم، {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}، فكان ذلك مناسبًا لذكر هذه الزيادة في سورة الطور. وكذلك ذكر الاستماع في سورة الطّور في قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}.

 

والاستماع من ادّعاءات الكهنة لمن يتبعهم من الجنِّ، فكان ذلك مناسبًا لذكر الكهنة

فيها. ومن هذه الأسباب ذكره للسحر في سورة الطّور فقال: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ}،[١٠] فكان ذكر السّحر مناسبًا لذكرَ الكهنة. وممّا جعل ذلك أفضل أيضاً توسّعه في القَسَم في أول سورة الطّور بخلاف سورة القلم، فقد قال: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ *.*.*.* وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}، بينما لم يقسم الله تعالى في سورة القلم إلّا بالقلم وما يسطرون، فكان التوسع في الطّور مناسبًا لهذه الزّيادة. وقد ورد في سورة القلم في آخر السّورة قول المشركين، بأنّه لمجنون ولم يزد على هذا القول، فقال: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}، فكان الرّد عليهم في بداية السّورة بنفي الجنون عنه فقال: {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}، فكان آخر السورة مناسبًا لأوّلها. ومن ناحية أخرى فقد جاء التّوكيد مناسبًا بالباء الزّائدة في النّفي{بمجنون}،وكذلك التّوكيد باللّام في الإثبات{لمجنون}، وذلك لأنّ الباء لتوكيد النّفي واللّام لتوكيد الإثبات.