رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد ورداني: نحتاج إلى إعلام هادف تعجّ مضامينه بالعلوم المعرفية والثراء الفكري

الدكتور محمد سيد
الدكتور محمد سيد ورداني أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر

قال الدكتور محمد سيد ورداني أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر في كلمته التي ألقاها بالمؤتمر الدولي الافتراضي الذي نظمه اليوم مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر مع سفارة جمهورية كازخستان، إن الجميع يعلم أنه إذا كان الفرد هو اللبنة الرئيسة في بنية أي مجتمع قائم، بل وأساس نهضته ونموه، فإن الاهتمام ببناء شخصيته وتوجهه، وإثراء معارفه وتهذيب أخلاقه، له بالغ الأثر في تشكيل المجتمعِ وتحديد هويته والحفاظ عليها.

 

أضاف "ورداني" في كلمته التي تعرض فيها لصورة العلماء الأوائل في وسائل الإعلام، أنه إذا كانت التربية العلمية المنضبطة هي أساس نهضة الأمة وصلاحها، بل وسبب قوتها وعزها على مدى العصور السابقة؛ فإن الاقتداء بعلماء الأمة والسير على خطاهم لهو الطريق الأمثل لبناء المجتمعِ السوي والقوي بفكره وأخلاقه، والمعتز بتاريخه وإنجازاته.

وتابع قائلًا: إننا جميعا نعرف ولا يخفى على أحد منا الأثر الكبير للإعلام ووسائل المختلفة في تشكيل الآراء والتوجهات لأفراد المجتمع، بل وقدرته على نشر الأفكار والتأثير في المفاهيم، ومن هنا يتضح لنا جميعا وبعد ما لمسناه بكل حواسنا من تحول للمسار الأساسي للمنظومة الإعلامية، أننا في حاجة ملحة لأهمية العودة مجددا إلى الإعلام التربوي بما يقدمه من أفكار ويعرضه من نماذج ومضامينَ عبر منظومة فكرية ودلالية تأخذ بزمام المجتمع إلى العلم والترقي لا إلى تلويث العقول وإفراغها.

 

واستطرد: إن تحليل الوضع الحالي فيما يتعلق بالعلاقة بين الإعلام ودائرة العلماء قديما وحديثا، وبنظرة سريعة لتوصيف المنظومة الإعلامية في هذه الدائرة قديما، نجد أن رسالتها لم تكن تنتوي في وقت من الأوقات أن تتلاعب بوقت المتابع أو تتركه رهينة فراغٍ قاتل، وإنما كانت تحيط به في كل برامجها ومقالاتها وحتى أعمالها الدرامية، ولسان حالها يقول أن التنوير والتثقيف منهج لا يمكن التخلي عنه، فكنا نشاهد من وقت ليس ببعيد أعمالا درامية أبطالها عظام كالإمام الترمذي أو ابن حزمٍ أو الإمام البخاري أو النسائي وغيرهم، بل إن أعمالا كهذه كانت في صدارة اهتمامات المشاهدين أنفسهم.

 

وأوضح أنه يمكننا أن نقول هنا بأن الأمر كان يتعلق بجانبين الأول: أنّ الإعلام كان ذا استراتيجيات واضحة تقوم على الجانب التثقيفي والتاريخي والحضاري أبطالها علماء أجلاء وأعمالها تلوح بالفكر وتستهدف البناء، والثاني: أن الجمهور ذاته كان  ذكي الذهن لا يشتري سلعة خبيثة، وما أن تحوّل الإعلام إلى ما يسمى بـ"إعلام السبوبة" حتى تحوّل معه منتجه فأصبحت تللك الرموز وهؤلاء الأعلامِ في

الماضي والحاضر من وجهة نظرهم "سلعة لا تباع" في هذا الزمان، الذي تصدره أناس تسببوا في تشويه الماضي وضياعِ الحاضر.

 

وقال: إذا أردت التخصيص فيمكن القول بأنه على المستوى الأكاديمي لاحظنا ندرة في الدراساتِ الإعلامية التي تعرضت لفكر الفلاسفة الأوائل رغم دورهم العظيمِ في إثراء العديد من العلوم الأدبية والإنسانية الذي يمثل الإعلام فرعًا رئيسًا منها، كما أنه على المستوى المهني، فإن التوصيف الحالي للإعلام المعاصر حدّث فيه ولا حرج، فهو يقوم على سياسة واضحة مفادها: فيما يفكر الجمهور؟ وماذا يريد؟، بعيدًا عن القيام بدور تثقيفي وتنويري يعتبره الإعلام أنه من المصادر الطاردة للأرباح وليست المحققة لها، فاختلاف أذواق الجماهير واحتياجاتهم تحول معها المنتج الإعلامي المقدم إلى منتج مضلل للطريق فضلا عن كونه فارغا من المعنى، لافتًا إلى أنه على نفس المستوى فإن وسائل الإعلام اقتصرت في تعاملها مع هؤلاء الفلاسفة الأوائل على تناول ذكرى رحيلهم فقط وبكلمات لا تتجاوز مقالا لكاتب تذكّر هؤلاء الأعلام على سبيل الصدفة، أو عرضٍ لكتاب يستعرض حياة أحدهم.

 

وأوصى "ورداني" في كلمته، بأهمية انتهاج الإعلام نهجًا موجّهًا يقوم على النظر العلمي، ويستند إلى القواعد الأصيلة، والمبادئ الثابتة في تربية الأجيال القادرةِ على تحقيق حاجات الحاضر، ومواجهة تحديات المستقبل، وأن يكون تراث العلماء الأوائل ومنهم شخصية مؤتمرنا هذا (الإمام الفارابي)، والذي برع في علوم عصره فسلفيًا وإنسانيًا وفكريًا، وغيره من علماء ما وراء النهر، ليكون هؤلاءِ زادًا مهمًا للثراء الفكري لشباب اليوم والغد، ما يجعله إعلامًا صاحب رسالة هادفة تعجّ مضامينها بالعلوم المعرفية المتعددة التي تتأثر بها، وتتفاعل معها.