تعرف على قصة فاطمة بنت محمد وكتمان السِّر
ولنأخذ أمثلةً من كتمان الصَّحابة رضوان الله تعالى عنهم لأسرار النَّبيِّ ﷺ، وعلى رأس هؤلاء: فاطمة ابنته ﷺ، فعن مسروقٍ حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت: إنَّا كُنَّا أزواج النَّبيِّ ﷺ عنده جميعاً لم تغادر منَّا واحدةٌ -هذه رواية البخاري ورواية مسلم- كُنَّا أزواج النَّبيِّ ﷺ عنده لم يغادر منهنَّ واحدةٌ، فأقبلت فاطمة عليها السَّلام تمشي لا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله ﷺ" في رواية مسلم: "فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله ﷺ شيئاً، فلمَّا رآها رحبَّ قال: مرحبًا بابنتي ثُمَّ أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثُمَّ سارَّها فبكت بكاءً شديداً، فلمَّا رأى حزنها سارَّها الثَّانية فإذا هي تضحك، فقلت لها: أنا من بين نسائه" وكانت عائشة أجرأ نساء النَّبيِّ ﷺ"خصَّك رسول الله ﷺ بالسِّرِّ من بيننا.
ثُمَّ أنت تبكين فلمَّا قام رسول الله ﷺ سألتها عمَّا سارَّك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله ﷺ سرَّه، فلمَّا تُوفِّي قلت لها عزمت عليك بما لي عليك من الحقِّ" وحقُّ عائشة على فاطمة أنَّها أمُّ المؤمنين وزوجة أبيها "عزمت عليك ما لي عليك من الحقِّ لما أخبرتني، قالت: أمَّا الآن فنعم" أمَّا بعد وفاة النَّبيِّ ﷺ فنعم معناه: السِّرُّ متعلِّق بحياته وبعد وفاته، يمكن لها أن تفشيه هذا فهم فاطمة رضي الله عنها "فأخبرتني قالت: أمَّا حين
فلمَّا رأى جزعي سارَّني الثَّانية قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكون سيدة المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمَّة في رواية مسلم فضحكت ضحكي الذي رأيت"[رواه البخاري5928، مسلم2450]. قال ابن حجر رحمه الله: "وفيه أنَّه لا ينبغي إفشاء السِّرِّ إذا كانت فيه مضرَّة على المسرِّ؛ لأنَّ فاطمة لو أخبرتهنَّ لحزنَّ لذلك حزناً شديداً"[فتح الباري11/ 80].
لا شكَّ أنَّه لو أخبرتهنَّ ذلك الوقت قبل وفاته ﷺ أنَّ الأجل قريبٌ وقد حان سيكون حزناً عامَّاً شديداً، فيكون في ذلك ضررٌ فلذلك طلب منها ﷺ أن تكتمه، وأن تتهيأ لحدوثه.