حكم الزكاة للغارمين
يسأل الكثير من الناس عن حكم الزكاة للغارمين فأجاب الشيخ مدين الأزهري فقال يقول الله تعالى فيمن تعطى لهم الزكاة "والغارمين " والغارمون هم الذين ركبهم الدين ولا يملكون وفاء به كما ذكره القرطبى فى تفسيره ، وجاء فى المغنى لابن قدامة أن الغارمين وهم المدينون ضربان ، ضرب غرم لغيره كإصلاح ذات البين ، وضرب غرم لنفسه لإصلاح حاله فى شىء مباح "ج 2 ص 699".
والشرط فى استحقاق الغارم الزكاة ألا يكون دينه فى سفاهة أو محرم . فإن تاب أخذ منها . ويقول القرطبى : إن الغارم يعطى من الزكاة من له مال وعليه دين محيط به -ما يقض به دينه -فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير فيعطى بالوصفين ، كونه غارما وكونه فقيرا .
وقد صح فى مسلم عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا أصيب فى ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه " فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال عليه الصلاة والسلام لغرمائه - أصحاب الديون - " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك " . وروى مسلم حديثا عن قبيصة بن مخارق بين فيه النبى صلى الله عليه وسلم من تحل لهم المسألة ويطيب لهم ما يأخذونه ، وهم ثلاثة :
( أ ) رجل تحمل حمالة ، أى دفع دية القتيل حتى لا يقتل القاتل ، فيعطى من الزكاة مقدار الدية فقط ويمسك عن المسألة .
رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله ، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش .
رجل أصابته فاقة أى فقر وشهد ثلاثة من العقلاء على فقره ، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش . وجاء فى رواية"إن المسألة تحل لأحد ثلاثة : ذى فقر مدقع - شديد أفض به إلى الدعقاء أى التراب - أو لذى غرم مفظع - شديد شنيع - أو لذى
وجاء فى فقه المذاهب الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية أن الحنفية قالوا : الغارم هو الذى عليه دين ولا يملك نصابا كاملا بعد دينه ، وأن المالكية قالوا : إنه المدين الذى لا يملك ما يوفى به دينه بشرط ألا يكون دينه فى فساد ، ويعطى إن تاب ، وأن يكون الدين لآدمى وليس لله كالكفارة . وأن الشافعية قالوا : الغارم هو المدين وأقسامه ثلاثة :
1- مدين للإصلاح بين المتخاصمين .
2 - من استدان لمصلحة نفسه فى مباح أو غير مباح بشرط التوبة .
3 - مدين بسبب ضمان لغيره وكان معسرا هو والمضمون .
ومهما يكن من شىء فإن المدين لنفسه أو لغيره وكان الدين بسبب مباح يعطى من الزكاة بمقدار دينه ، ومن استدان لمعاص أو لهو لا يعطى إلا إذا تاب . والقرطبى تحدث عن دين المتوفى هل يقضى من الزكاة أو لا ، فقال : إن أبا حنيفة منعه ، فالغارم من عليه دين يسجن فيه . والمالكية وغيرهم جعلوا الميت من الغارمين فيقضى دينه من الزكاة ، وكما قلنا أكثر من مرة : إن الأمور الخلافية لا يجوز فيها التعصب ، وللإنسان أن يختار ما فيه المصلحة.