عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخلاص هو صدق النية مع الله

الاخلاص من علامات قبول العمل ويقول حماد بن زيد : "كان أيوب ربما حدث في الحديث فيرقّ وتدمع عيناه، فيلتفت و ينتخط ويقول ما أشد الزكام!!، فيظهر الزكام لإخفاء البكاء". قال الحسن البصري: "إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام وذهب وبكى في الخارج".

 

يقول محمد بن واسع التابعي: "إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم". للإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته لما دنت وفاته قال لشخص يثق به: "الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت و وقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة"، فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك. كان علي بن الحسن يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين بالظلمة، فالصدقة تطفيء غضب الرب، وكان أهل بالمدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم ، فلما مات عرفوا، و رأوا على ظهره آثاراً مما كان ينقله من القرب والجرب بالليل فكان يعول 100 بيت.

 

تلك الأحوال والقصص أظهرها الله ليكون أصحابها أئمة   {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان من الآية:74]. وهكذا كان أحدهم يدخل في فراش زوجته فيخادعها فينسل لقيام الليل وهكذا صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله فكان يأخذ إفطاره ويتصدق به على المساكين ويأتي على العشاء.

 

وهذا أعرابي «جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِه واتَّبعَه، ثمَّ قال: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِه، فلمَّا كانَت غزوةٌ خيبرَ غنِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فيها شيئًا، فقسَمَ وقسمَ لَه،فأعطى أصحابَه ما قسَمَ لَه، وَكانَ يرعى ظَهرَهم، فلمَّا جاءَهم دفعوهُ إليهِ، فقال: ما هذا؟، قالوا: قَسَم لَك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، فأخذَه فجاءَ بِه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُعلَيهِ وسلَّم، فقال: ما هذا؟ قال: قسَمتُه لَكَ، قال: ما علَى هذا تبعتُكَ، ولَكن اتَّبعتُك علَى أن أُرمَى إلى هاهُنا، وأشارَ إلى حَلقِه بسَهمٍ، فأموتَ فأدخُلَ الجنَّةَ فقال: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقْكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهضوا في قتالِ العدوِّ، فأُتيَ بِه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يحملُ قد أصابَه سَهمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قال: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ، ثمَّ كفَّنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ في جُبَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، ثمَّ قدَّمَه فصلَّى عليهِ، فَكانَ فيما ظَهَرَ من صلاتِه: اللَّهمَّ هذا عبدُك خرجَ مُهاجرًا في سبيلِكَ فقُتلَ شَهيدًا أنا شَهيدٌ علَى ذلِكَ» (أحكام الجنائز [80]).

 

ماذا قال بعض العلماء في الإخلاص؟ قال إبراهيم بن أدهم: "ما صدق الله عبداً أحب الشهرة". قال بعضهم: "ينبغي للعالم أن يتحدث بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت وإن أعجبه الصمت فلينطق. فإن

خشي المدح فليصمت ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء".

 

سُئِل سهل بن عبد الله التستوري : "أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب. فمع الإخلاص تنسى حظوظ النفس". قال سفيان: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي إنها تنقلب علي.

 

إذا أراد أن يجاهد نفسه يجد تقلبات، ولا يدري أهو في إخلاص أم رياء"، وهذا طبيعي أن يشعر أنه في صراع لا تسلم له نفسه دائماً فهو يتعرض لهجمات من الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، وهذا فيه خير، أما من اطمأنت نفسه بحاله فهذه هي المشكلة. قال ابن يحيى بن أبي كثير:"تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل". قال الزبيد اليامي: "إني أحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب". عن داود الطائي: "رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية وكفاك به خيرًا وإن لم تنضب". أي حتى وإن لم تتعب فإن ما حصلته من اجتماع نفسك لله وإخراج حظوظ النفس من قلبك، هذا أمر عظيم. أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما سبق الناس بأنه كان أكثرهم صلاة وصيام بل بشيء وقر في قلبه.

 

قال داود: "البر همة التقي، ولو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا  لردته يوماً نيته إلى أصلها". قال يوسف بن أسباط: "تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد". قيل لنافع بن جبير : "ألا تشهد الجنازة فقال: كما أنت حتى أنوي. أي انتظر حتى أجاهد نفسي". قال الفضيل: "إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك. ومن أصلح الله سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح ما بينه وما بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه.

 

والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته ومن شاهد في إخلاصه الإخلاص فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص".