رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فضل التقوي

بوابة الوفد الإلكترونية

التقوى من صفات المؤمنين ومن التقوى أن يستعد العبد ليوم القيامة والبعث والنشور، فالتقوى: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، فلا يكن استعدادكم ليوم الرحيل بالغفلة والعصيان؛ فإن أهل معصية الله إنما عصوه وخالفوه لقلة يقينهم بلقائه ووقوفهم بين يديه في انتظار ثوابه أو عقابه، فقادتهم الغفلة عن وقفة الحساب إلى الاستمرار في المخالفة والعصيان، والتمادي في التفريط والإهمال، لا يذكرون مقامهم بين يدي الملك الديان: (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 4 ـ 6]، فيقومون في رشحهم وعرقهم، وهولهم ورعبهم، وغمهم وكربهم، وبؤسهم ونكدهم، خمسين ألف سنة في انتظار فصل القضاء والقصاص بينهم، في محكمة الله العادلة، التي لا يخاف المؤمن فيها ظلمًا ولا هضمًا: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47]، فانظر لحالك يا عبد الله، ماذا أعددت ليوم الرحيل؟! (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون) [الحشر:18]، خبير بأعمالكم، خبير بأقوالكم، خبير بمشاعركم وما تكنه قلوبكم، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [النمل: 74، 75]، فهل أصلحت قلبك استعدادًا للقاء الله؟! (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88، 89].

هل طهرت قلبك من الشك والرياء؟! هل طهرته من الظنون الكاذبة والأماني الباطلة، أو من التعلق بغير الله، أو التوكل على غير الله؟! هل طهرته من خوف ما سوى الله؟! هل جردته من كل محبة سوى محبة الله والحب في الله؟! هل طهرته من أمراض الحقد والحسد والغل لإخوانك المسلمين؟! (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10]، فأصحاب الجنة هم أصحاب القلوب

السليمة، الهينون اللينون، وقد أتاكم من مقال نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قوله: "يدخل الجنة أناس أفئدتهم كأفئدة الطير"، وقال يزيد بن أسلم: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتحب الجنة؟!" قلت: نعم. قال: "فأحب لأخيك ما تحب لنفسك".

فكونوا من أهل الإيمان الصادقين، الذين سلمت قلوبهم لله، وسلمت قلوبهم لإخوانهم المؤمنين، فيحبون لهم ما يحبون لأنفسهم، ويظنون بهم الخير، ولا يظنون بهم السوء، فكونوا -أيها المسلمون- من أهل القلوب السليمة، قابلوا الإساءة بالإحسان، والخطيئة بالغفران، والغلظة بالرفق، والجهل بالحلم، والعبوس بالابتسامة، (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34].

 

وليس ذلك ضعفًا كما يظنه الجهال المتكبرون، وليس ذلك نفاقًا أو كذبًا كما يزين الشيطان للمغرورين والمفتونين، وإنما هي منزلة عظيمة لا يقوى عليها إلا الأفذاذ والصابرون من الرجال أصحاب النفوس العالية الصابرة، الذين أراد الله بهم سعادة الدارين: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:35]، ولا يخدعنكم الشيطان الذي يكره الخير للمسلمين، ويصور لهم العفو ضعفًا، وحسن المعاملة ومقابلة الإساءة بالإحسان نفاقًا وعجزًا؛ ليغري المسلمين ببعضهم بعضًا.

 

فالنبهاء من عباد الله من فوَّتوا عليه غرضَه (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) [الإسراء: 53]، (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء) [المائدة: 91].