عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علي جمعة: الإسلام جاء ليقر مبدأ السلام بين الشعوب والأمم‏

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة - عضو هيئة كبار العلماء

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، جاء الإسلام ليقر مبدأ السلام بين الشعوب والأمم‏،‏ مقررا أنه هو الأصل والحرب هي الاستثناء، قال تعالى‏: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) [البقرة‏:208].‏

 

وأوضح جمعة، عبر موقعه الرسمي، أن في سبيل ذلك دعا إلى تجنب ويلات الحروب والنزاعات، وأبان عن كراهية النفس للقتال ابتداء وإن كان واجبا ودفاعا، فقال سبحانه: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البقرة:216], وقال أيضا: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) [الأنفال:7]، ورغم ذلك فلم يتغاض عن وضع قوانين للحرب في حالة وقوعها، وجعل الحرب في المقام الأول دفاعية وليست هجومية، قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [البقرة:193].

 

وتابع: وفي غمار الحروب يسقط القتلى والجرحى من الأطراف المتنازعة، كما يقع بعض المقاتلين في الأسر، وقد وضع الإسلام أسس التعامل مع كل حالة من هذه الحالات، وأهمها أن رسول الله ﷺ كان إذا بعث أميرا على جيش أوصاه ومن معه من المسلمين بقوله: لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا ( الترمذي)، وقال يوم فتح مكة: «ألا لا يقتل مدبر، ولا يجهز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن» (ابن أبي شيبة)، ولذلك كان ديدن المسلمين في قتالهم أنهم لا يتبعون فارا هاربا من المعركة، ولا يقتلون أسيرا استسلم، بل لا يقطعون شجر، ولا يردمون بئرا ولا يهدمون بيتا.

 

وأكمل: وقد حث الإسلام على معاملة الأسير معاملة كريمة لا تهان فيها كرامته ولا تنتهك حرمته, دون اعتبار لاختلاف الدين أو كونه من الأعداء, وعد تلك المعاملة

من صفات الأبرار, حيث قال الله تعالى فيهم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) [الإنسان:7]، وأوصى رسول الله ﷺ أصحابه بحسن معاملة الأسرى فقال: «استوصوا بالأسارى خيرا» (المعجم الكبير), وبهذا الأمر حول الإسلام غريزة الانتقام من العدو الأسير إلى أداة فضل ورحمة، فلم يقتصر على النهي عن تعذيبه أو تجويعه، بل امتد إلى الحث على الإحسان إليه وإكرامه ومساواته بالمسكين واليتيم، وبهذا تتحول أحد تبعات الحروب، رغم ضراوتها وقسوتها، إلى عبادة يرجو صاحبها رضا الله عز وجل ويصبح بها من الأبرار.

 

وفي الوقت الذي كانت الدول والممالك من حول دولة الإسلام تقتل الأسير أو تستعبده أو تهينه, وضع الإسلام القواعد والأسس التي يحمي بها الأسير ويصون كرامته وإنسانيته ويرفع الظلم عن المظلومين وينشر العدل والرحمة بين الناس، وينقل الإنسان –كل الإنسان- من المعاملة المهينة التي سادت في عصور الجهل ويرقى به إلى السلوك الإنساني القويم الذي لا فضل فيه لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].