رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على علاقة الجن بالإنس

إنّ معنى الجنّ في اللغة "نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة"،[١] وهم أقوام مختلفون عن البشر والملائكة، وهم أقوام لهم أجناس مختلفة فيما بينهم قد خلقهم الله -تعالى- لعبادته حالهم حال المخلوقات الأخرى من بشر وملائكة وحجر وشجر، وهم في أنفسهم يختلفون عن بعضهم بعضًا؛ فمنهم المسلم ومنهم الكافر، ومن المسلم المؤمن ومنهم المسلم العاصي والضال والمبتعد عن طريق الهداية، أو المتّبع لفرق ضالّة، يقول تعالى في سورة الجنّ: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}،[٢] ومن الجنّ من يُوكّل بالإنسان فيلازمه طوال حياته، وهو القرين.

 

ما هو القرين القرين لغة يعني المُصاحب، واصطلاحًا في الشريعة الإسلاميّة يعني شيطانٌ موكَّلٌ بالإنسان يلازمه منذ ولادته ويدفعه نحو المعاصي والضلال، يقول تعالى في سورة ق: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}،[٤] فيرى ابن عبّاس -رضي الله عنهما- وجماعة من علماء المسلمين أنّ قوله تعالى في الآية السابقة {قَالَ قَرِينُهُ}؛ أي: الشيطان الموكّل به، وكلّ ما يستطيعه الشيطان هو الوسوسة والدّعوة للانحراف والضلال، وإذا لم يكن عند الإنسان استعداد لذلك فلن يرضخ لوسوسات الشيطان وتزيينه المعاصي في عيون ذلك الإنسان؛ لذلك فإنّ قرينه يتبرّأ منه يوم القيامة ويقول: {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}،[٥] وكذلك يذكر تعالى جانبًا آخر من كلام القرين يوم القيامة بعدما أنهى مهمته وجعل الإنسان في ضلال فإنّه قد تبرّأ من الإنسان وأوضح له أنّه هو المخطئ عندما ترك وعد الله وتبِعَ أهواء

الشيطان، فيقول تعالى في سورة إبراهيم: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.[٦][٧].

 

وإنّ أمر القرين من الشياطين أمرٌ ثابتٌ في الشريعة الإسلاميّة، وهو ممّا لا خلاف فيه بين جمهور الأئمّة؛ فقد ثبُتَ أنّ للإنسان قرينٌ من الشياطين مُكلَّفٌ به، وقد قال المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- فيما جاء في صحيح مسلم: "ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ"، قالوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: "وإيَّايَ؛ إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ"،[٨] وبذلك يكون أمر القرين حقيقة لا مجال للنّقاش فيها، ولا يُعصَمُ منه إلّا النبيّ عليه الصلاة والسلام، بل قد روي عن الصدّيق -رضي الله عنه- أنّه قال يومًا وهو على المنبر: "إنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يعتصمُ بالوحي، وإنّ لي شيطانًا يعتريني؛ فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوّموني".