رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية السيدة زينب ودعوتها الشهيرة لأهل مصر

مسجد السيدة زينب
مسجد السيدة زينب

تزخر مدينة القاهرة بالعديد من المقامات الشريفة، التي يتوقف عندها التاريخ ليروي نفسه للأجيال. من أهم هذه المقامات، مسجد السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وفاطمة بنت محمد- صلى الله عليه وسلم-، بأحد أعرق الأحياء الشعبية بالقاهرة، الذي يحمل اسم هذه السيدة الطاهرة. فما هي حكاية هذا المسجد؟ وكيف وصلت السيدة زينب إلى هذا المكان؟

 

يقول الدكتور ابراهيم البيومى إمام وخطيب مسجد السيدة زينب: قدمت السيدة زينب برغبة منها إلى مصر، بعد أن أعطاها معاوية فرصة اختيار منفاها، واستقبلها والي مصر وأهل مصر استقبالا رائعا غامرا، لم يسبق له مثيل، حيث فرحوا كثيرا بقدومها، وذلك حبا في جدها المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وتبركا بنسبها الشريف، فهي حفيدة محمد- عليه الصلاة والسلام-، وابنة سيدنا علي- رضي الله عنه- وسيدتنا فاطمة- رضي الله عنها- وأخت الحسن والحسين محبوبي نبي الله- عليه أزكى الصلاة والتسليم-.

بعد الترحيب الكبير الذي لقيته السيدة زينب ومن معها، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر فقالت: “أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا”.

حين استقرت سيدتنا زينب في أرض مصر وهبها والي مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر، أقامت هذه السيدة الشريفة في هذه الغرفة وجعلتها مكانا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب. وأوصت السيدة زينب قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد، فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب- رضي الله عنها.

 

  واليوم، يعتبر مسجد السيدة زينب من أهم المساجد في مصر، وكل من يزور القاهرة يتشوق إلى زيارته، فهو من أهم المزارات الإسلامية في مصر إلى جانب مسجد سيدنا الحسين بن علي- رضي الله عنهما- والمسجد الأزهر الشريف.

 

وأشار الدكتور ابراهيم البيومى إلى نشأة السيدة زينب قائلا: ولدت زينب في السنة الخامسة للهجرة، وهي ابنة فاطمة الزهراء ابنة الرسول -صلى الله عليه و سلم-، وقد سمتها زينب، حيث تعني أصل الشجرة الطيبة. لقبت بالعقيلة أو عقيلة بني هاشم ؛ لأنها كريمة قومها، ولها مكانة كبيرة في بيتها واشتهرت زينب بجمال الخِلقة والخُلُقِ، اشتهارها بالإقدام والبلاغة، وبالكرم وحسن المَشُورَةِ، والعلاقة بالله، وكثيرًا ما كان يرجع إليها أبوها وإخوتها في الرأي، ويأخذون بمشورتها؛ لبُعْدِ نظرها وقوة إدراكها.

لما تقدم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وافق علي على تزويجه من ابنته زينب، فهو من نسب أب و أم شريفين، معروفين بالتقوى والإيمان.وكان عبد الله هذا فارسًا شهمًا نبيلًا كريمًا، اشتهر بأنه (قطب السخاء)، وهو أول طفل ولد أثناء الهجرة الأولى بأرض الحبشة، وهو يكبُر (زينب) بخمس سنوات.

 

 

 أنجبت زينب -رضي الله عنها- من عبد الله بن جعفر بن عبد المطلب أربعة أولاد وبنتان  ، وهم: جعفر، وعلي، وعون الكبير، ثم أم كلثوم، وأم عبد الله، وإليهم ينسب الأشراف الزَّيَانِبَة، وبعض الأشراف الجعافرة. توفيت أمها فاطمة الزهراء بينما كانت تبلغ الخامسة من عمرها، شهدت زينب أفجع المواقف في حياتها، فقد توفيت والدتها، وتوفي جدها، واغتيل أباها

.

ولمَّا خرج الإمام الحسين رضى الله عنه في جهاد (يزيد بن معاوية) شاركته (زينب) في رحلته وقاسمته الجهاد، فكانت تثير حَمِيَّةَ الأبطال، وتشجع الضعفاء، وتخدم المقاتلين، وقد كانت أبلغ وأخطب وأشعر سيدة من أهل البيت خاصة، والنساء عامة في عصرها.

ولما قُتِلَ الحسين وساقوها أسيرة مع

السبايا، وقفت على ساحة المعركة، تقول: «يا محمداه! يا محمداه! هذا الحسين في العراء، مزمَّل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه! هذه بناتك سبايا، وذريتك قتلى، تسفي عليها الرياح»، فلم تبقَ عين إلا بكت، ولا قلب إلا وجف.

كما كان لها مواقفها الجريئة الخالدة مع ابن زياد ومع يزيد، وبها حمى الله فاطمة الصغرى بنت الحسين من السبي والتَّسَرِّي، وحَمَى الله عليًّا الأصغر زين العابدين من القتلِ، فانتشرت به ذرية الإمام الحسين، واستمرَّت في الثورة على الفساد ولا تزال، ولقبت زينب بلقب (بطلة كربلاء زينب).

 

-وحول رحلتها من المدينة إلى مصر ووفاتها:قال إمام وخطيب مسجد السيدة زينب: وَلَمَّا أعادوها رضي الله عنها إلى المدينة المنورة بعد أن استبقَوا رأس الحسين بدمشق ليطوفوا به الآفاق؛ إرهابًا للناس، أحسُّوا بخطرها الكبير على عَرْشِهِم، فاضطروها إلى الخروج، فَأَبَتْ أن تخرج من المدينة إلا محمولة، ولكن جمهرة أهل البيت أقنعتها بالخروج، فاختارت مصر لما علمت من حب أهلها وواليها لأهل البيت.

فدخلتها في أوائل شعبان سنة 61 من الهجرة، ومعها فاطمة وسكينة وعلي أبناء الحسين، واستقبلها أهل مصر في (بُلْبَيْس) بُكَاةً معزِّين، واحتملها والي مصر (مسلمة بن مخلد الأنصاري) إلى داره بالحمراء القُصوى عند بساتين الزهري (حي السيدة الآن).

وكانت هذه المنطقة تسمى (قنطرة السباع) نسبة إلى القنطرة التي كانت على الخليج المصري وقتئذ، فأقامت بهذه الدار أقل من عام عابدة زاهدة تفقه الناس، وتفيض عليهم من أنوار النبوة، وشرائف المعرفة والبركات والأمداد، حيث توفيت في مساء الأحد (15 من رجب سنة 62هـ)، ودفنت بمخدعها وحجرتها من دار (مَسْلَمَةَ) التي أصبحت قبتها في مسجدها المعروف الآن.

توفيت زينب -رضي الله عنها- في عام 62 هـ، وقد كان عمرها 56 عاماً، ويوجد لديها ضريحان: واحد في دمشق، والآخر في مصر، كما تعددت الروايات حول سنة وفاتها وتاريخ وفاتها. زينب هي واحدة من أهل البيت، الذين كان لوفاتهم الأثر الكبير في حياة المسلمين.

كان المسجد الزينبي الذي هو بيت أمير مصر مَسْلَمَةَ بن مخلد قائمًا على الخليج المصري، عند قنطرة على الخليج كانت تسمى (قنطرة السباع)؛ لأنها كانت مُزَيَّنَةً من جوانبها بسباع منحوتة من الحجر، ولما رُدِمَ الجزء الذي عليه القنطرة من الخليج زالت القنطرة فاتَّسَعَ الشارع، وظهر مسجد السيدة بجلالِه وتوالت التجديدات عليه، وقد أنشئ هذا المسجد في العهد الأموي، وزاره كبار المؤرِّخِين وأصحاب الرحلات.