رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. محمد محمد داود يكتب : معانٍ سامية للعيد فى الإسلام

د. محمد محمد داود
د. محمد محمد داود

• خالقُ الناسِ عليمٌ بما خَلَقَهم عليه من فطرة سوية؛ لذا جاء تشريع الخالق غير متصادم مع فطرتهم، بل يتفاعل مع المشاعر الإنسانية، ويشبعها فى حلال وطاعة ومثوبة من الرحمن ولا يصادرها، وإنما يوجهها لتعود بالخير والثواب على صاحبها، تبنى فيه القيم العالية، والأخلاق النبيلة؛ فتكون وسيلة قرب من الله تعالى.

• من ذلك مشاعر الفرح والسرور؛ فالله تعالى يريدنا أن نفرح، وأن نزداد سرورًا بفعل الصالحات، وترك المنكرات.

• ومن حكمة الخالق الحكيم ربطُ العيدين فى الإسلام بطاعتين عظيمتين، فعيد الفطر ارتبط بالصيام، وعيد الأضحى ارتبط بالحج والأضحية؛ ليتعلم المؤمن أن الفرح والسعادة يكون بإتمام الأعمال الصالحة كما يحب ربنا ويرضى، قال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

ففرح المؤمن بعيد الفطر ليس لأنه انتهى من الصيام وانقطع عنه الجوع والعطش، وإنما لأن الله وفَّقه لإتمام طاعة الصيام، وإلا فالمؤمن يتمنى أن تكون السنة كلها رمضان.

      الفرح الحقيقي:

• الفرح الحقيقى هو الفرح بطاعة الله وبفضله، فالفرح بالطاعة، كقدوم رمضان، وعيد الفطر، ومواسم العبادة، والفرح بختم القرآن، والفرح بالتوفيق للصدقة، ويرجى لهؤلاء المؤمنين أن يفرحوا يوم القيامة بما قدموا من الصالحات: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 7-9]. فمن فرح فى الدنيا بطاعة الله تعالى فإنه سيفرح  إن شاء الله  بثوابها يوم القيامة؛ فقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عن فرح الصائمين بثواب صيامهم؛ قائلًا: «للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

• ومن أسمى معانى التكريم لأعياد المسلمين أنها أعياد ربانية من اختيار الله رب العالمين، يشاركنا فيها الفرحة أهل السماء، ويباهى الله بعباده المؤمنين الذين أتموا الصيام والقيام - ملائكتَه ويقول تعالى: «أُشهدكم يا ملائكتى أنى قد غفرت لهم».

كذلك من أسمى معانى التكريم لأعياد المسلمين أنها أعياد ربانية تبدأ بالتكبير والصلاة، فرحًا بالانتصار على الشيطان وهوَى النفس، وحمدًا لله تعالى على توفيقه وفضله وإعانته على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وَمِنْ شُكر نعمة الله على توفيقه ألا يعيش المسلم فرحة العيد وحده، بل يُشرك معه الفقراء والمساكين من إخوانه المؤمنين، ويكون التزاور والترويح والزينة بما أحل الله وأنعم من الطيبات.

بهذه المعانى الإيمانية يكون التكريم لمشاعر الفرح بتوفيق الله فى أعياد المسلمين.

• وليس معنى العيد كما يحسب بعض الغافلين انفلاتًا من كل قيد أو انطلاقًا للشهوات وقطعًا للصلة بالله تعالى، فهؤلاء محرومون لم يفهموا أن الفرحة فى العيد فرحة بتوفيق الله تعالى فى الأعمال الصالحة.

• ولا يخفى على المؤمن الفَطِن أن الشيطان يحاول إفساد الفرحة فى العيد بعد أن أتم المسلم صيامه وقيامه، وبعد أن عاش حياة إيمانية فى رمضان؛ فيأتى الشيطان يوسوس له كى ينفلت زمامه، ويلهو مع اللاهين ويكون مع الغافلين، ويقع فى كثير الذنوب والآثام؛ فيصبح من المفلسين.

 فرحة العيد وزكاة الفطر:

• شرعت زكاة الفطر كى تكتمل الفرحة لأفراد المجتمع المسلم ولتعميم المشاركة فى فرحة العيد؛ فلا يبقى محروم منعه الجوع من فرحة العيد، ولتتعانق الأفراح الاجتماعية مع الأفراح الإيمانية بثمرات المغفرة والقبول.

• جاء فى الحديث النبوي: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ, وَطُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ, فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» [رواه أبو داود وابن ماجه].

ولما كان السلوك البشرى لا يعرف الكمال، وقد تتفلت من الإنسان بعض الأخطاء والهفوات أثناء صيامه؛ فتأتى زكاة الفطر تطهيرًا للصائم من هذه الذنوب، ليكون صيام المؤمن تام الأجر.

ومن هنا أيضًا تكون تزكية النفس بمكارم الأخلاق والفوز بعظيم الثواب عند الله تعالى.

• كما أن مقصد إسعاد الآخرين مقصد إيمانى عظيم يثمر السكينة والرضا، فإذا أردت أن تكون سعيدًا فأسعد غيرك، وهذا من أوثق السبل لتحقيق معنى الحياة الطيبة التى أشارت إليها الآية: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

وقت زكاة الفطر وحكمة بالغة:

• جاء فى الحديث النبوي: عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: «أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ». [متفق عليه].

وذلك حتى يتحقق المقصود منها وهو إغناء الفقير فى هذا اليوم.

العيد وظروف الوباء هذا العام :

يأتى العيد هذا العام والبشرية تمر بمحنة الوباء (كورونا) ونتضرع إلى الله تعالى الرحمن الرحيم أن يكشف عنا هذا الوباء وكل مرض وشر وسوء.. إن الله بالناس لرؤوف رحيم.

ونذكر أن الإسلام له مقصد عظيم فى حماية النفس البشرية.. لذلك ينبغى التعاون فى الالتزام بقواعد السلامة والاجراءات الاحترازية للوصول إلى السلامة وبر الأمان.. فالساجد قبل المساجد والإنسان قبل البنيان، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.

ومن رحمة الله تعالى أن لنا عوضا عن التلاقى والاجتماع الجسدي.. وذلك عن طريق الاجتماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. نتبادل مشاعر الود والعطف.. والتهنئة والفرحة.

• وهكذا يتأكد للمؤمن أن المشاعر فى رحاب الإيمان طاعة وعمل صالح له ثمرات طيبة فى تزكية النفس، وإدخال السرور على الضعفاء فى المجتمع؛ فينعم الجميع بحياة طيبة فى الحياة الدنيا، ويكون فى ذلك البشرى بالنعيم الأبدى فى الجنة فى الحياة الآخرة.

حفظ الله مصر ودفع عنها كل كيد وشر وعدوان.

وما يعقلها إلا العالِمون..

وما يذكر إلا أولو الألباب..

فاعتبروا يا أولى الأبصار..

[email protected]