هل يجوز دخول المسجد لغير المسلم
يسأل الكثير من الناس هل يجوز دخول المسجد لغير المسلم فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله وقال قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } التوبة : 28 ، وقال { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا } النساء :
43 ، . تفيد الآية الأولى أن المشرك لا يدخل المسجد الحرام فى مكة ، لأنه نجس ، وهذا رأى إمام أهل المدينة مالك وغيره ، وعليه الإمام الشافعى ، أما الكتابى - وهو اليهودى والنصرانى - فلا مانع من دخوله . والمراد بالمسجد الحرام الحرم كله .
وقال أبو حنيفة بجواز دخول غير المسلم مطلقا المسجد الحرام والحرم ، وحمل نجاسته على أنها نجاسة معنوية ، وحمل قربان المسجد على المكث فيه ، كما حمل دخول الحرم على الاستيطان ، حيث لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان ، كما فى الحديث الذى أخرجه مالك فى الموطأ عن ابن شهاب وغيره ، وأخرجه أحمد عن عائشة .
أما مساجد الحل -أى غير الحرم - فمنع أهل المدينة دخولها لغير المسلم أيضا ، لأنه نجس بنص القرآن ، ولأن الآية الثانية تفيد أن الجنب لا يمكث فى المسجد، وإنما يكون له العبور فقط ، والكافر جنب فلا يجوز له المكث فى أى مسجد . وفى الحديث " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " رواه أبو داود ويؤيد هذا ما روى أن أبا موسى الأشعرى دخل على عمر رضى اللّه عنه ومعه كتاب كتب فيه حساب عمله ، فقال له عمر: ادع الذى كتب ليقرأه ، فقال : إنه لا يدخل المسجد ، لأنه نصرانى . فَدَلَ هذا على أنه كان حكما معروفا لديهم ، وهو رواية عن أحمد . وفى رواية عنه أيضا أنه لا يجوز له الدخول إلا بإذن المسلمين ، ويؤيدها أن عليا رضى اللّه عنه رأى مجوسيا وهو على المنبر وقد دخل المسجد، فنزل وضربه وأخرجه من أبواب كندة ، فإن أذن له المسلمون جاز دخوله ، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم أنزل أهل الطائف فى المسجد قبل أن يسلموا ، وقال
كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة وهو على شركه ، واستقبل النبى صلى الله عليه وسلم " نصارى نجران فى مسجد المدينة، ولما حان وقت صلاتهم صلوا فى المسجد إلى المشرق ، وقال فيهم عليه الصلاة والسلام " دعوهم " .
وقد ترجم البخارى فى صحيحه دخول المشرك المسجد، وأورد حادثة ربط ثمامة بن أثال بسارية من سوارى المسجد النبوى ، وكان ثمامة كافرا من بنى حنيفة ، وعلى هذا الرأى أكثر الأئمة ، وقصره الشافعى على الضرورة أو الحاجة ، وليس بصفة مستمرة ، ولعل هذا هو الرأى المناسب للفتوى .
قال ابن حجر فى فتح البارى "ج 2 ص 107 " عن هذه المسألة :
فيه مذاهب ، فعن الحنفية الجواز مطلقا ، وعن المالكية والمزنى المنع مطلقا ، وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره ، للآية ، وقيل : يؤذن للكتابي خاصة ، وحديث الباب يرد عليه ، فإن ثمامة ليس من أهل الكتاب انتهى .
وأرى أنه لا مانع من دخول الزوار الأجانب غير المسلمين لمساجد المسلمين إذا كانوا فى برنامج سياحى ، أو لعمل هام ، ما دام ذلك بإذن المسلمين ، وفى ثورة 1919 م دخل القمص سرجيوس الجامع الأزهر وخطب فيه خطبة سياسية على مشهد من علماء المسلمين . دون إنكار منهم ، وذلك مراعاة للظروف ، واختلاف الآراء فيه رحمة . وننبه إلى وجوب احترامهم للمساجد وعدم التبذل فيها أو عمل شىء لا يوافق عليه الدين