ما هو المقصود بالمال العام وما هو الواجب علينا نحوه؟

يسأل الكثير من الناس عن ما هو المقصود بالمال العام وما هو الواجب علينا نحوه ؟ فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف فقال يقصد بالمال العام المال الذى ليس مملوكا لاحد ملكا خاصا، والذى يفيد منه المجتمع كله ، بإشراف السلطات التى تنظم جمعه وإنفاقه ، كالمياه والمراعى والمعادن ، والمرافق العامة التى يستفيد منها الجميع ، كالمساجد والمدارس والمستشفيات والطرق والجسور وما إليها .
وإذا كان الله سبحانه قد حرم الاعتداء على مال الغير بأى نوع من العدوان ، وجعله ظلما يكون ظلمات يوم القيامة ، ووضع له عقوبات دنيوية بالحد أو التعزير بما يتناسب مع حجم الاعتداء وأهميته ، فإنه حرم علينا الاعتداء على الممتلكات العامة التى ليس لها مالك معين ، فهى ملك للجميع ولكل فيها قدر ما يجب احترامه ، والظلم فيه ظلم للغير وللنفس أيضا ، والله لا يحب الظالمين .
لقد قال الله فى الغنائم التى هى ملك للعامة{ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون }[ ال عمران :161 ] وقال النبى صلى الله عليه وسلم فيمن استغل وظيفته ليكسب لبن فسه ،حينما جاء بما جمعه من الصدقات المفروضة، واحتجز لنفسه الهدايا التى قدمت إليه قال " هلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته" رواه البخارى ومسلم وحذر من مجىء هذه الأموال المختلسة شاهد إدانة عليه يوم القيامة يحملها على ظهره .
ولا مجير له يدافع عنه ، كما بين أن من ولى على عمل وأخذ أجره كان ما يأخذه بعد ذلك غلولا .
والخلفاء الراشدون والسلف الصالح كانوا قدوة طيبة فى التعفف عن الأموال العامة التى هى حق المسلمين جميعا ، فكانوا لا يأخذون من بيت المال إلا حاجتهم الضرورية كما قال أحدهم : أنا فى مال المسلمين كولى اليتيم ، حيث يقول الله تعالى {ومن كان غنيا فليستعفف
لقد كانت لهم مواقف رائعة فى تعففهم عن المال العام ليضربوا المثل لغيرهم على مدى التاريخ ، ووقفوا بقوة أمام التصرفات التى يظن أن فيها مساسا بأموال المسلمين ، فصادروا ما رأوه من هذا ال!قبيل وأودعوه بيت المال .
إنه لا يعصم من الانحراف بخصوص المال العام إلا رقابة الله تعالى الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء ، وإلا الإيمان بأن كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ، وإلا حسن اختيار من توكل إليهم الأمور، على أساس الخبرة والأمانة ، كما قال يوسف للعزيز {اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم } [يوسف :55].