رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الغيرة عند النساء

بوابة الوفد الإلكترونية

الغَيرة عند الرجال والنساء مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشدَّ ما يكون ذلك بين الزوجين (تحفة الأحوذي). وقال الكفويّ: الغيرة: كراهة الرّجل اشتراك غيره فيما هو من حقّه، وذكر الرّجل هنا على سبيل التّمثيل، وإلّا فإنّ الغيرة غريزة تشترك فيها الرّجال والنّساء، بل قد تكون من النّساء أشدّ (موسوعة نضرة النعيم).

 

وقد وقعت هذه الغيرة من فاضلات النساء وأزواج الأنبياء وأمهات المؤمنين؛ ومن ذلك ما حدث للسيدة سارة زوج نبي الله إبراهيم عليه السلام- من الغيرة من هاجر وولدها إسماعيل، وهذه الغيرة هي التي دفعت إبراهيم عليه السلام أن يبعدهما عن نظر سارة؛ "فإن سارة امرأة الخليل صلى الله عليه وسلم غارت من هاجر وابنها أشد الغيرة فإنها كانت جارية فلما ولدت إسماعيل وأحبه أبوه اشتدت غيرة سارة فأمر الله سبحانه أن يبعد عنها هاجر وابنها ويسكنها في أرض مكة لتبرد عن سارة حرارة الغيرة وهذا من رحمته تعالى ورأفته" (زاد المعاد).

 

وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تغار على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تغار من ضرائرها أمهات المؤمنين بل إنها كانت تغار من خديجة رضي الله عنها التي ماتت قبل أن تراها وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من ذكر خديجة رضي الله عنها، "وأصل غيرة المرأة من تخيل محبة غيرها أكثر منها وكثرة الذكر تدل على كثرة المحبة" (فتح الباري)؛ فكثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة جعلت عائشة تغار منها رضي الله عنهما. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما غِرتُ على أحدٍ من نساءِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما غِرتُ على خديجةَ، وما رأيْتُها، ولكن كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثرُ ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ، ثم يُقَطِّعُها أعْضاءً، ثُمَّ يَبْعَثُها في صَدائِقِ خديجَةَ، فربما قُلْت له: كأنهُ لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجةُ، فيقول: «إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ» (أخرجه البخاري). وفي الحديث السابق دليل على "ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عمن دونهن" (فتح الباري).

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندَ بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفة فيها طعامٌ، فضربت التي النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصَّحْفة، فانفَلَقَت. فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: "غارت أمُّكم!".


فيا أيها الزوج الذي تملؤه رعونات امرأته غيظًا، يحمله على مقابلتها بمزيد الرعونة: من ضيق الخلق والعقل معًا أن تؤاخذ المرأة مؤاخذة جندي فارّ أو عبد آبق، أو خصم مشاحن. بل تغافل في معاملتهن، وتجاوز عن تقصيرهن، وجازهن فضلًا وإحسانًا.

 

وفي موقفٍ آخر ترويه أيضًا عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً. قَالَتْ: فَغِرْتُ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ؟ أَغِرْتِ؟» فَقُلْتُ: وَمَا لِى لا يَغَارُ مِثْلِى عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَمَعىَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّى أَعَانَنِى عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمُ» (أخرجه مسلم).

 

"وإنما الغيرة في النساء لفرط المحبة" (شرح النووي على مسلم). "وقوله غارت أمكم اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لئلا يُحمل صنيعها على ما يُذم بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها" (فتح الباري).