أسباب الرزق
الرزق مقسومٌ محتومٌ للإنسان، فإن لكلٍّ رزقَه الذي يُكتب له منذ الأربعين يومًا في بطن أمّه، فلا يسلبه إياه أحدٌ أو ينازعه، لأن الله تكفّل به حيث قال: (وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونْ) [الذاريات: 22]، ولأجل هذا ينالُ الإنسان رزقه كاملاً كما قسمه الله له، ولن يخرج من الدنيا قبل أن يستوفيه، وما واجبنا هنا سوى السعي الحثيث المتواصل، كما قال الله: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [الملك: 15]، وفي هذه إشارة واضحة للسعي في طلب الرزق، فالله هو الرازق لكن على الإنسان ألا يركن لذلك فيتواكل، بل يأخذ بالأسباب جميعها، ثمّ يتوكل على الله عزّ وجلّ.
أشكال الرزق يظنّ البعض أنّ الرزق هو المال وحده، وهذا فهمٌ قاصرٌ لحقيقة الأمر، غير أنّ الرزق بابٌ شاسعٌ واسعٌ، فالرزق هو كلّ ما أنعم الله على عباده من نِعَمْ سواء ماديّة أو معنويّة، كالمال، والزوج، والولد، والأهل، والصحة، والحب، والقبول، وغير ذلك، وسمّي كلّ ذلك رزقًا، لأنه مقدّرٌ من الله عزّ وجل، ولذلك فإنّ كلّ ما مَنّ به الله على عباده هو رزقٌ يجب على هذا الإنسان شكره والحفاظ عليه.
لسعة الرزق أسبابٌ كثيرةٌ أهمّها: ترك الحرامَ وخشية اللهَ طلبًا لما عنده، فالله يخلف تارك الحرام خيرًا، حيث إنّه من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ونذكر هنا قصة الصحابي الذي ترفّع عن تفاحة واحدة في حقل يعمل به خشية لله فأورثه الله الحقل كاملًا. كثرة ذكر الله، وكما قيل: "إن الله يعطي الذاكرين أكثر ممّا يعطي السائلين"، والذكر يكون بالدعاء والصلاة، وخصوصًا قيام الليل، والصلوات المفروضات، وصلاة الحاجة، وكذلك الاستغفار، والابتهال والتضرّع لله عزّ وجل، حيث قال المولى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10-12]، فالاستغفار، والذكر، والإنابة سببٌ في سعة الرزق، ونزول الغيث، وكثرة المال،