عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرّف على مكانة الأم في الإسلام والسنة النبوية

بوابة الوفد الإلكترونية

 تحدث الدكتور مصطفى عبدالسلام محمد، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، رضي الله عنها وأرضاها، عن أن بر الوالدين يأتي على رأس قائمة الأعمال السامية الشريفة التي حثَّت عليها الفطرة الإنسانية السليمة، التي أكدتها الديانات السماوية كلها، وذلك لما لهما من فضل عظيم لا يستطيع ذو عقل إنكاره، فهما من يرعيان الإنسان منذ الصغر، ويقفان إلى جانبه في سائر محطات حياته.

 ولمَّا كانت الأم تضطلع بدور عظيم في التربية، وتُرهِق نفسها، وجسَدها، وتفكيرها من أجل توفير الراحة لأبنائها، فقد كانت لها مكانة خاصة وعظيمة، وفضل عظيم يناله الإنسان إذا تقرَّب منها، وحرص على راحتها، وبرِّها، وفيما يأتي تفصيل ذلك.

 بر الوالدين بشكل عام، والأم بشكل خاص من أعظم صفات الأنبياء التي امتازوا بها، وجاء في غير موضع من كتاب الله تعالى ذكر برِّ رسول الله عيسى عليه السلام بوالدته السيدة مريم، فقال تعالى على لسان عيسى عليه السلام حينما تكلَّم في المهد صبيًا: (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) [مريم: 32]، وهذا رسولنا الأكرم محمد "صلى الله عليه وسلم" يجلس عند قبر والدته السيدة آمنة بنت وهب، ويبكي بكاءً شديدًا.

 التأكيد على بر الأم في الكتاب والسنة، ذكر الله تعالى الأم في مواضع من كتابه الكريم، وحثَّ على ضرورة برِّها، ووصَّى الإنسان بها، ومن أبرز الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]، إلى جانب ذلك، فقد أكَّدت أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهمية وفضل برِّ الأم، فكان صلى الله عليه وسلم دائمًا يوصي الناس بأمَّهاتهم ويحُثُّهم على برِّهن، والإحسان إليهن.

 بر الأم طاعة لله تعالى وتقرُّبًا منه، وفي عقوقها عصيان له سبحانه، ومن هنا فإن الإنسان الكيِّس يُعِّد العدة للقاء الله تعالى، ويحرص كل الحرص على نيل رضا والدته، وعدم إغضابها، أو رفع الصوت عليها، وتلبية كل رغباتها مهما كانت.

 بر الأم واجب حتى لو كانت غير مسلمة ليس لدين الأم علاقة ببرِّها، فقد أكد الشرع ضرورة الإحسان إليها، ونيل رضاها مهما كان دينها، وفي ذلك منتهى الإنسانية، فحب الإنسان لأمه فطريٌّ، ولا يمكن لإنسان عاقل سليم الفطرة أن يتنكَّر لأمِّه لسبب أو لآخر.

 دعاء الابن البارّ مستجاب من أعظم فضائل برَ الوالدين، والأم، أن دعاء الابن البار مستجاب، وذلك لعظم المكانة التي يتمتع بها الإنسان البار عند الله تعالى، ولعظم مكانة الوالدين لديه سبحانه.

 ومن أعظم الأدلة على مكانة الأم في الإسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي

قصَّة رجلٍ جاء إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" يسأله: من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أبوك».

ويروي البزار أن رجلًا كان بالطواف حاملًا أمه يطوف بها، فسأل النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" هل أديت حقها؟ قال: «لا، ولا بزفرة واحدة»!.. أي زفرة من زفرات الطلق والوضع ونحوها.

وبر الأم يعني: إحسان عشرتها، وتوقيرها، وخفض الجناح لها، وطاعتها في غير المعصية، وإلتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.

 ومن الأحاديث النبوية الدالة على مكانة الأم في الإسلام قصة الرجل الذي جاء إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها».

والأم التي عني بها الإسلام كل هذه العناية، وقرر لها كل هذه الحقوق، واجب عليها أن تحسن تربية أبنائها، فتغرس فيهم الفضائل، وتبغضهم في الرذائل، وتعودهم على طاعة الله، وتشجعهم على نصرة الحق، ولا تثبطهم عن الجهاد، استجابةً لعاطفة الأمومة في صدرها، بل تغلب نداء الحق على نداء العاطفة.

 ولقد رأينا أمًا مؤمنة كالخنساء في معركة القادسية تحرض أبناءها الأربعة، وتوصيهم بالإقدام والثبات في كلمات بليغة رائعة، وما إن انتهت المعركة حتى نعوا إليها جميعًا، فما ولولت ولا صاحت، بل قالت في رضا ويقين: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيله!!

 أدام الله أمهاتنا، وأعاننا على طاعتهن ورعايتهن وبرهن، ورحم الله الأمهات الراحلات وأسكنهن فسيح جناته؛ جزاء ما قدمن من تضحيات.