رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فيديو. عاشور: الاسلاميون دخلوا السياسة لأجل المغانم

بوابة الوفد الإلكترونية

مضمون الحرية فى الإسلام أن الله ساوى بين جميع البشر من سادة وعبيد هذا ما قاله الشيخ «محمود عاشور»، وكيل الأزهر السابق، فى حواره لـ«الوفد». والذى أكد فيه أن الإسلام كفل حرية العقيدة

فكيف يتم التضييق على الناس فى حياتهم ومعيشتهم ونختار لهم ملبسهم وطريقة إعاشتهم، وتساءل من هم المسلمون بعد ظهور فتاوى التكفير التى ظهرت من كل من هب ودب سواء كان بائع فول أو كشرى.. وأصبح الكل يفتى طالما أنه أطلق لحيته وقصر جلبابه!! فأصبح الدين يخضع للسياسة والمفترض أن السياسة هى التى تخضع للدين لأنها لعبة قذرة وفى احتياج لرقابة ومتابعة وتصحيح، حتى لا تستخدم مكرها وحيلها وتحايلها ودهاءها فى إفساد الدين.
وكل هذه الأمور هى خطأ فى تطبيق المنهج الإعلامى الذى طبق فى عهد «أبوبكر وعمر» وكان منهجاً سليماً قويماً، ولكن صار حول الحكم بطانة سوء أفسدته وأفسدت المجتمع كله.
> ما مضمون الحرية فى الإسلام؟
- الناس تدخل الإسلام من باب لا إله إلا الله.. وحينها لا يذل ولا يخضع ولا يركع، ولا يرجو ولا يطلب إلا الله سبحانه وتعالى وأنه أصبح هو وأعظم الناس فى هذه الدنيا عبيداً لإله واحد يرجون رحمته ويخافون عذابه.. وهنا تتحقق المساواة بين الناس جميعاً لا فضل لإنسان على إنسان لأنهم جميعاً أبناء آدم وحواء والشاعر قال: الناس من جهة التماثل أكفاء أبوهم آدم والأم حواء، فإن لم يكن فى أصلهم شرف فالطين والماء.. وهذا يؤكد مضمون الحرية المطلقة للناس جميعاً أمام الله.. والإسلام ساوى بين السادة والعبيد فى بداياته، و«بلال بن رباح» كان عبداً حبشياً أعتقه أبوبكر الصديق، وعمر بن الخطاب كان يقول: «بلال سيدنا وأعتقه سيدنا» وبالتالى صار سيد اً حين دخل فى الإسلام.. والنبى قال: الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى، وعند الله المكرم هو الأتقى والأنقى والمقرب بعمله الصالح.
> ما شواهد حرية الفكر فى الإسلام؟
- حرية الفكر لا قيد ولا حد عليها إطلاقاً والإسلام فتح الباب واسعاً للناس ليتفكروا «قل انظروا ما فى السماوات والأرض».. و«وفى أنفسكم أفلا تبصرون» لأن الله خلق الإنسان وأجهزته التنفسى والبولى والهضمى، فمن الذى جعلها تعمل وتتحرك، وخلق النجوم والكواكب والليل والنهار، لذلك العرب قديماً كانوا أكثر خيالاً لأن عقلهم مطلق وتفكيرهم مطلق، فالصحراء والسماوات والأرض والجبال مفتوحة أمامهم والمهم أن تكون حرية الفكر بعيدة عن الذات الإلهية.. والنبى قال: «فكروا فى مخلوقات الله ولا تفكروا فى ذاته فإنكم لن تقدروه قدره»، فلا ينبغى التفكير فى ذات الله وكيفيته وشكله ووضعه فهذه مسألة لا يستطيع العقل البشرى أن يصل إليها ويحد حدودها وهو قال عن نفسه «قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد».
مفتاح العلم
> طالما أن الفكر يرتبط بالعلم فالإسلام لا يقف عقبة أمام الحرية العلمية؟
- نعم والإسلام قائم على دعامتين أساسيتين هما العقل والعلم ووردت آيات كثيرة تدل وتؤكد على هذا «إن فى ذلك لذكرى لأولى الألباب».. «لقوم يعقلون».. «لقوم يتفكرون» وآيات كثيرة تتحدث عن دور العقل وأهميته ومكانته فى الإسلام وأول آية نزلت فى القرآن «اقرأ» والقراءة مفتاح العلم وبابه، والله فضل آدم على الملائكة بالعلم والقرآن قدر العلماء عندما قال الحق سبحانه وتعالى: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات».
> وكيف ينظر الإسلام إلى حرية العقيدة؟
- حرية العقيدة مفتوحة للناس جميعا ًوالإسلام فى آياته قال: «لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى»، فالعقيدة كاملة الحرية فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، إذن العقيدة متعلقة بمشيئة الإنسان وحريته وفكره ورأيه الذى يعود إلى علمه ودراسته وبما يعتمل فى عقله ووجدانه وضميره فيؤمن أو لا يؤمن بشرط ألا يحدث فتنة أو قلاقل فى الانتقال من عقيدة إلى عقيدة، أو من دين إلى دين، أو فكر إلى فكر، حيث يسخر ويستهزئ بالعقيدة التى تركها ويجرح فيها أو يذمها.. إنما يكون فى إطار الإنسان نفسه وذاته حتى لا يحدث قلاقل وفتن فى المجتمع.
> هذا يرجعنا إلى القضية الجدلية التى أرقت الفلاسفة هل الإنسان مسير أم مخير؟
- يقول النبى صلى الله عليه وسلم يجمع أحدكم فى بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً علقة ثم أربعين يوماً مضغة ثم يأتيه ملك من الله فينفخ فيه الروح ويؤمر فيكتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقى أم سعيد وهذه حدود الله ونحن نتخلق فى الأرحام، ولكننا لا نعرف هذه الإجابات طالما أنها فى لوح محفوظ ولكن على الإنسان أن يعمل ويجد ويسعى ويجتهد، ونحن أحرار فيما يتعلق باختيار ملابسنا وألوانها وما نركبه أو نختاره فى أمور حياتنا، إنما الرزق والأجل هى أمور محسومة عند الله ولا خيار لنا فيها على الإطلاق.
هدم الأديان
> الإبداع له حدود فى الإسلام؟
- يوجد أثر صحيح يقول: أنت حر ما لم تضر ـ أى ابدع ما شئت بشرط ألا تضر أحداً ولا تؤذيه بهذا الإبداع بأن تنال من دينه لأن الأديان مقدسة محترمة ومصانة ولا يجب المساس بها بحجة الإبداع، فما هو الإبداع فى هدم الأديان أو التعرض لها بالسوء من خلال لوحة فنية، أو قصيدة شعرية أو رواية أدبية وكل هذه المناحى مطلوب فيها الإبداع، أيضاً هل من الضرورة فى الإبداع أن نمس القيم ونهدمها فهذه الأمور تؤثر بالسلب على المجتمع ككل خاصة الشباب وهؤلاء هم البنية الأساسية لأى مجتمع.
> إذن القيود تكون على حرية التعبير؟
- لا توجد قيود على حرية التعبير.. لكن هل نترك البعض يسب ويلعن الناس أو يتناول أعراضهم ويؤذيهم فى سمعتهم، أو يمدح أو يذم فى الآخرين بالطبع لا، ولابد من وضع ضوابط للالتزام الأخلاقى والسلوكى وينبغى أن تظل قائمة دائماً فى ظل نقد بناء مسئول يبنى ويعلى ويرفع، وليس نقداً هداماً وراءه غرض فيسئ للآخرين ويحطمهم معنوياً.
> أيهما يفسد الآخر الدين أم السياسة؟
- لا شك أن الدين هو الأثر الأعلى، وهو الذى يحكم حركة الحياة لأنه تنزيل إلهى، وقيم وضعها الأنبياء، والأصل أن تخضع السياسات للدين، ولا يخضع الدين للسياسة.. لأن الدين هو الحاكم والمسيطر بقيمه النبيلة وحينها سيكون الطريق القويم الصحيح الذى يبعد عن الانحراف والتطرف، لكن السياسة ربما تتنازل عن القيم والمثل والأخلاق بغية أن تحقق أقصى الممكن مما نريده، أو أنها تلعب بما تغلب به أو تؤمن بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وبالتالى السياسة بدون قيم.. أو كما قال «ما يلز كوبلاند» السياسة لعبة قذرة.. ونعلم أن الدين هو الطهر والنقاء والعفاف ولهذا ينبغى أن يظل الدين فى سموه وسموته بأن يحكم السياسة والسياسة لا تحكم الدين لأنها تفسد الدين خاصة السياسة الموجودة الآن متجردة من القيم، والكل يحاول أن يقضى على الآخر أو يسبقه، ويتغلب عليه فى اللاأخلاق.
مكر السياسة
> أوجه هذا الفاسد؟
- عندما نلصق كل شىء فى السياسة بالدين ستكون السياسة فى حياتنا بحيلها ودهائها ومكرها وتحايلها ولا شك أنها ستصم الدين بصفات غير موجودة به، ولكنها صفات سياسية سيطوع بها الدين وتحكمه السياسة وحينها سيضج الناس بالدين لأن الدين فى كل حياتنا عكس السياسة التى تسير الأمور دون التدخل فى حياة الناس.
> لكن بعد 25 يناير اختلط الدين بالسياسة؟
- دائماً يعقب الثورات شىء من الاضطراب والقلق وعدم الاستقرار فى العالم كله وهذا ما حدث معنا بعد 25 يناير، والبعض تصور أن الثورة غنيمة وأرادوا أن يحصلوا على جزء منها والكل بحث عن باب يدخل منه، البعض دخل من باب الدين والآخر من باب السياسة، وغيرهم من باب العدالة والديمقراطية والحرية حتى يمكنوا لأنفسهم على الساحة السياسة، ولكن باب الدين لو دخلوا منه سيصنع المعجزات إذا كان فعلاً ديناً حقاً وليس ديناً لمجرد أن يصلوا به إلى منصب أو مكانة، أو جاه واستخدامه ذريعة للوصول إلى الهدف.
> إذن دخلت التيارات الإسلامية إلى السياسة من باب الدين؟
- نعم وتم اتخاذ الدين وسيلة من الوسائل للوصول إلى قلوب الناس وضمائرهم ووجدانهم حتى يحصلوا على مكاسب ومغانم سياسية من خلال الدين أو استخدامه فى ذلك.. وشعب مصر مؤمن بطبيعته وفطرته الإيمانية عظيمة سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، والتيارات الإسلامية استفادت من تدين وطيبة هذا الشعب، على اعتبار أنهم سيقيمون العدل والدين وصدروا أنفسهم للناس أنهم بتوع ربنا، والمواطن قال هذا.. والناس اختاروا بكامل إرادتهم ولكن بدافع التدين والإيمان لأنهم يعتقدون أنهم سيفعلون الدين فى حياة الناس ويجدون العدل والحرية والكرامة والمساواة بين الجميع فالاختيار كان للدين وليس للأشخاص، وعلى كل الناس ستجرب لفترة دورة وإذا حققوا إصلاحاً كان بها وإذا لم يفعلوا توجد دورات أخرى وستنصلح الدنيا.
القهر والعصيان
> تم طرح فكرة جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهل هذا هو حدود الحرية فى المنهج الإسلامى؟
- حتى الآن لا نعلم من الذى وضع هذه الفكرة وهذا التوجه على شبكات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» والكل تبرأ منها وبعض الذين تتبعوا الشبكات قالوا إنها من الخارج، ولكن الأمر بالمعروف منوط به علماء الدين، وقال الله: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، فالعلماء هم الذين ينصحون ويوجهون ويعظون، وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم «العلماء ورثة الأنبياء».. وبالتالى سيكون دورهم للنصح بالمعروف وليس بالقهر والعصيان والكرابيج ولن يمشوا فى شارع ليضربوا غير المحجبات فهذا أسلو بسيئ وغير إسلامى ولا إيمانى ولا يصح أو يجوز قهر الإنسان لأخيه الإنسان حتى لو كان باسم الدين.. فالإنسان المقهور يفعل الأمور بدون إرادة.
> البعض أفتى أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هى من حدود الله التى سيتم تطبيقها؟
- إذا كانت حرية العقيدة مكفولة لكل البشر كيف نضيق عليهم فى الملبس والمعيشة واختيار طريقة حياتهم وسلوكهم، ولماذا أراد اللهأن يكون فى الدنيا طائع وعاصى؟ وعمل لهذا ثواباً والآخر عقاباً، وإذا كان هذا الأسلوب يطبق فى بلاد أخرى فهذا أسلوب دولة رأت هذا.. ولكننا يجب ألا نخرج على الدولة وننظم تنظيماً ربما يحدث فتنة أشد مفسدة وأكبر من الإصلاح الذى تبغيه.. وفى الإسلام درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وبالتالى هذه المفسدة يجب ألا تقوم فى المجتمع لأنها عمل خاطئ وغير سوى، والشعب المصرى لديه حس دينى جيد ويستنكرون المنكر ويستحسنون المعروف فلا تحتاج جماعات لا تعرف من أين جاء ومن الذى يوجههم حتى يفسدوا فى الأرض ويضربوا هذه أو تلك حينها هذه الجماعة ستصبح دولة داخل الدولة.
أجهزة الردع
> معنى هذا ترفض جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- نعم هى مرفوضة ثم إن مصر لديها أجهزة منوط بها هذا العمل بل الردع الكامل مثل الشرطة والقضاء والنيابة وجهاز الشرطة لديه شرطة متخصصة فى كل المناحى مثل المخدرات والآداب والمال العام. إلخ، فما احتياجنا إلى جماعة أمر بمعروف ولماذا ومن الذى نقلده وما هو السبب؟ ثم إن البيت مسئول عن كل فرد فيه ثم معنا مسيحيون فى المجتمع فماذا نفعل معهم؟ لو امرأة مسيحية غير محجبة لأن دينها لا يأمرها بهذا فهل نطالبها بالحجاب أم نضر بها؟!
> هل الإسلام له علاقة باختيار نظام الحكم؟
- طبعاً لأن الحاكم العادل هو ظل الله فى الأرض وهو من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وأبوبكر الصديق وضع ميثاقاً بين الحاكم والمحكوم سيظل إلى يوم الدين، عندما تولى الخلافة قال: «أيها الناس إنما وليت عليكم ولست بخيركم» أى أنه واحد منهم لا يؤله وهو الذى يقول ويقدر ويبتكر ويصبح كفرعون.. فإن أحسنت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى الضعيف فيكم قوى حتى آخذ له حقه، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، أطيعونى ما إن أطعت الله ورسوله فإن عصيت فلا طاعة لى عليكم.. وأيضاً عمر بن الخطاب قال: أيها الناس من رأى منكم فىّ اعوجاجاً فليقومه.. فرد عليه أعرابى من آخر المسجد قائلاً والله يا عمر لو وجدنا فيك اعوجاج لقومناه بحد سيوفنا، هذا هو الدستور الذى ينبغى أن

نعرفه ويكون بين الحاكم والمحكوم ليظل المجتمع فى الطريق الصحيح.
محاذير ومآخذ
> هل الخلافة الإسلامية هى السبيل الوحيد للحكم فى الإسلام؟
- لا.. فالحاكم هو مواطن يتساوى مع المواطنين جميعاً فى كل الأمور وعليه أن يطبق العدل والمساواة بين الناس ولا يتميز عنهم فى أى شىء ويكون متأكداً أنه سيحاسب إذا قصر فى حقهم والخلافة بها محاذير ومآخذ.
> ما المحاذير والمآخذ فى الخلافة الإسلامية؟
- من هو الخليفة وعلى من ينصب نفسه خليفة، أو من الذى سينصبه؟ إذا كان العالم الإسلامى منقسماً على نفسه إلى دويلات، وكل دويلة مستقلة ونعرف دولة تعدادها نصف مليون نسمة، وترى أنها أفضل دولة فى العالم لأن ربنا منحها شوية ريالات. و«عمر بن الخطاب» كان يحكم العالم الإسلامى من المدينة المنورة إلى الأندلس.. فهل نجد الخليفة الذى يحكم فى هذا الزمان؟ ومن الذى سيمكنه وسيرضى ويرضخ له من هذه الدول؟
> تقصد المنهج الإسلامى به فرق بين النظرية والتطبيق؟
- نعم لأن دائماً الخطأ ما يظهر فى التطبيق لأن المنهج الإسلامى ليس فيه خطأ وتم تطبيقه فى عهد أبوبكر وعمر الذى وصل إلى قمة العدل فى العالم كله وبعد ذلك أصبحت المشكلة فى البشر الذين يتولون الحكم فيرى أنه أصبح إلهاً كفرعون الذى يجمع حوله بطانة السوء التى تفسده وتفسد المجتمع كله.
تطبيق المنهج
> وكيف نطبق المنهج الإسلامى الصحيح بما لا يتعارض مع الحريات التى أقرها الإسلام؟
- دار حوار بين عبدالملك بن مروان وطاووس، أحد علماء عصره.. وقال: يا أمير المؤمنين أنت رجل ولاك الله حكم الناس فأقمت دونهم حرساً وحجاباً ولاموهم باسمك، وأخذوا أموالهم واغتصبوا نساءهم باسمك فستتحمل وزرك وأوزارهم يوم القيامة، وقد حجبوك عن الناس ولا يصلك من أخبارهم إلا ما يريدون فانقطع الناس عنك وانقطعت عنهم، فأصلح بينك وبين الله وأصلح حاشيتك حتى يرضى الله عنك، فهذا هو الحاكم ونحن فى احتياج لهذه النماذج من العلماء الذين يعظون الحكام وينصحونهم حتى ينصلح التطبيق كما هو منصلح المنهج.
> الخطأ فى تطبيق المنهج الإسلامى ينعكس على غير المسلمين ويقيد حريتهم؟
- غير المسلمين لهم مكانة رائعة وعظيمة فى الإسلام والنبى صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة كان أمامه ثلاثة أعمال بناء المسجد ثم الإخاء بين المهاجرين والأنصار ثالثاً غير المسلمين فى المدينة من اليهود والنصارى والمشركين وبعض المجوس، وكان لابد من وضع هؤلاء فى إطار الدولة الإسلامية التى سيضمها الرسول.. فأقام ميثاقاً أو عهداً أو ما سمى بوثيقة المدينة التى وضعت أول مواطنة فى العالم، وضعت أول وحدة وطنية فى العالم عندما قال لهم ما للمسلمين وعليهم ما للمسلمين والقرآن قال: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وأن تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» والبرهو العلاقة الطيبة والود والمعاملة الحسنة والقسط هو العدل وسمح بالزواج الشرعى والرسمى من غير المسلمين لتصبح أم الأولاد ويذهب الزوج المسلم بها إلى الكنيسة ويتركها على دينها تتعبدكما تشاء.. فهل يوجد فى الأديان سعة أكبر وحرية أعظم من التى صنعها الإسلام؟
إسقاط القوامة
> كيف أعطى الإسلام للمرأة حريتها؟
- من حق المرأة فى الإسلام أن تتملك وتبيع وتشترى وتهب من مالها، وأعطاها حق الميراث وحق العمل، وقال إن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض، إذن العملية ليست رجلاً أو امرأة بل كل واحد له وظيفة المرأة للإنجاب والرجل للعمل والسعى، وبعض العلماء قالوا: الرجل الذى لا ينفق تسقط قوامته، والمرأة فى الإسلام كائن له كل الحقوق وعليه كل الواجبات مثل الرجل ولا ينتقص منها شىء، والسيدة عائشة كانت مفتية النساء، والسيدة خديجة كانت الساعد اليمنى للرسول فى مواجهة المشركين كان يأتيها وقد أذاه المشركون وكانت بنفس راضية وكلمة حانية وابتسامة رقيقة تمسح عنه كل أثر وتشجعه وتدفعه وتبعد عنه اليأس.. وفى الهجرة «أسماء» كان لها دور عظيم تحمل الزاد والماء إلى الغار و«روفيدا» تعالج الجرحى وتطببهم، وأيضاً «نسيبة بنت عمارة» دافعت عن الرسول فى غزوة «أحد» فالمرأة لها دور عظيم من بدء الدعوة وحتى الآن والإسلام لا يلغى دور المرأة ولا يهمشه أو يقلل من شأنها.
> منظمات المجتمع المدنى هل تشبه حزب الفضول بما تقدمه من خدمات وإعانات؟
- لا.. هذه صورة مغايرة تماماً لأن حزب الفضول كان يقدم الإعانات والمساعدات فى مجتمع ضيق ومحدود ومعروف، ويقف ويساند القبائل المقهورة أو الجائعة والمحتاجة، وأيضاً كان يقوم بما تقوم به المجالس العرفية الآن بين القبائل المتصارعة والمتخاصمة إنما طبيعتهم الحقيقية مساعدة الفقراء، والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأشعريين إذا أربلوا فى الغزو أو قل طعام عيالهم جمعوا ما بينهم ووضعوه فى إناء واحد ثم اقتسموه فيما بينهم بالسوية فهم منى وأنا منهم»، يتحدث عنهم ويصفهم بأنهم كانوا متعاونين فى تكافل وتراحم.. واليوم لا نجد هذا النموذج إطلاقاً والجمعيات الأهلية دورها مجتمعى وضرورى وبعضها يقوم بهذا الدور جيداً والآخر يعمل فى هذا المجال ليتكسب منه.
تزويج العوانس
> وكيف تضع الدولة ضوابط لهذه الجمعيات حتى يتم الاستفادة من جهودها وخبرائها فى المجال الخدمى التطوعى؟
- أرى أن من يقوم بهذا الدور هو الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، ويشكل له مؤسسة زكاة، ويقوم على جمع الزكاة فى مصر، لأن أموال الزكاة ضخمة جداً وتصل إلى حجم ميزانية دولة من الدول الفقيرة.. ثم تقوم هذه المؤسسة على رعاية الفقراء فى المجتمع، وتقيم مصانع ومزارع ومتاجر يعمل بها العاطلون وترعى أولاد الشوارع الذين يتم تأجيرهم الآن للتدمير والتخريب والاعتصام، وأيضاً لتزويج العوانس، هذا لو أحسن استثمار أموال الزكاة، وجمعت كما أرادها الله.
> هل الإسلام أباح الحصول على تمويلات خارجية فى ظل الحريات العامة والشخصية؟
- لا مانع فيها إذا كانت غير مشروطة، وإذا كانت بدون هدف من ورائها ولاغاية وبدون توجيه لشىء ما أو لعمل ضد الوطن فيجوز ذلك ولا شىء فيها.. ولكنها ترفض إذا كانت مشروطة بشروط معينة ولها هدف وغاية يتنافى مع غاية الإسلام ومصلحة الوطن.. ولهذا قد رأينا حملة المصادرة التى قامت بها الدولة ضد بعض هذه المنظمات، رغم أن هناك قضاء يحقق فى هذا الشأن للوصول إلى الحقيقة، وإذا ثبت أن الهدف من وراء الحصول على أموال للإضرار بمصالح الدولة فلابد أن تقف الدولة موقفاً حاسماً مع الذين حصلوا على هذه المعونات.
> ما الذى جعل ظاهرة التكفير تطل برأسها فى المجتمع المصرى؟
- لأن بائع الفول أو الكشرى أو السباك طالما أطال لحيته وقصر جلبابه رأى أن من حقه أن يفتى ويعلم وينصح، فأصبحت الفتوى بالكفر فقالوا: الليبرالية والديمقراطية والعلمانية كفرة بعدما قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة».. فبعد تكفير المجتمع من هم المسلمون هل هم فقط؟ وأصبحوا يوزعون الكفر وكأنهم وكلاء عن الله فى الأرض.. والمفترض أن الذى يفتى يكون عالماً ومتخصصاً فى شئون الدين حاصلاً على الشهادة العالية من الأزهر تقر له بأن يفتى فى أمور الدين.
> كيف ترى وثيقة الأزهر وتفعيلها للحريات فى المجتمع؟
- وثيقة الأزهر جاءت بعد دراسة عميقة وواعية لأحوال المجتمع المصرى وما يدور فيه من لغط ومشاكل وكانت أسبق فى بيان الحريات عن شكل الدولة ووضعها، وهى الوثيقة الوحيدة التى حازت موافقة الجميع واتفقت عليها كل الأطياف.. أما بيان الحريات الذى تكلم عن الحريات فى المجتمع جاء بعد أن انتعشت الحياة وامتلأت بتكفير البعض وإقصاء البعض الآخر وفتاوى التكفير بأن الذى لا ينتخب تياراً معيناً يصبح كآخر ولكن وثيقة الأزهر وضعت النقاط على الحروف وأكدت أن حرية الإنسان تنتهى عندما تبدأ حريات الآخر، والأزهر هو مرجعية للعالم الإسلامى وهى المؤسسة الدينية المؤهلة لتحمل المسئولية وتبعية الإفتاء ولابد من الرجوع إليها بعد أن كثر المفتون بدون علم فى كل شىء، حتى لا تتعقد الأمور ولا نتقاتل بعضنا بعضاً فى الشوارع، ويفرض علينا أحد الوصاية الدينية إذا بعدنا عن الأزهر كمرجعية إسلامية.

شاهد الفيديو

http://www.youtube.com/watch?v=q4oRB6ZUiz4