عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عفاريت «التوك شو»

إذا كنت ممن يشاهدون القنوات الفضائية الليلية - بالتحديد ما يسمي بـ «التوك شو» - فالمؤكد أنه يداهمك، في أوقات كثيرة، شعور بأنك، لا تعيش في «وطن». ولكنك تعيش في «غابة»!

فالسادة مقدمو هذه البرامج - أو أغلبهم - لديهم القدرة، في أن يحولوا حياتك الهادئة إلي بركان هادر، فهم يحدثوك بمرارة «تقطع» القلب، عن الجنيهات القليلة، التي تحتويها حافظة نقودك، في الوقت الذي يتقاضون هم فيه الملايين.
يحدثونك - برضه بمرارة - عن شقتك الصغيرة، التي تنام فيها أنت وحماتك ومراتك وأولادك التسعة، علي طريقة «سرحان عبدالبصير» - وهو يتحدث معه حاجب المحكمة - في مسرحية «شاهد ماشفش حاجة» في الوقت الذي يسكنون هم في منتجعات 6 أكتوبر والشيخ زايد والقاهرة الجديدة. يحدثونك عن التعليم، وأهمية النهوض به، وأولادهم يتعلمون في مدارس أجنبية. تخيلت - ومعي غيري - أن برامج «التوك شو» ساعدت في تنمية الوعي السياسي والفكري والثقافي، لدي العامة من الناس. منذ ظهورها علي الفضائيات، غير أنني وبعد الثورة بأسابيع قليلة، سافرت إلي الصعيد، وجلست علي عدة مقاهي في قرية واحدة، وعلي مدار أربع ساعات، تحدث معي علي المقاهي - عمال وفلاحون وطلبة - في الشأن السياسي لمدة نصف ساعة - لاحظ أننا كنا إبان المد الثوري -

ثم تحول حديثهم إلي الكلام عن «الفياجرا» لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة!
ومن هنا، إذ كان هؤلاء «عفاريت التوك شو» يعتقدون أنهم يقدمون خدمة للوطن، فهو اعتقاد خاطئ، ولا صحة له علي أرض الواقع. أما الصحيح الذي نعلمه، أن هذه البرامج - أيام مبارك وبعده - حولت سماء القاهرة إلي ساحات شتائم، ومعارك، وتنابذ بالألفاظ، وغمز ولمز، وتهليل، وتضليل، وتصريح، وتلميح، وتقريع (وللا بلاش «تقريع» لأن بعضهم قد لا يفهمها) وتهويل لكل شيء. وعلي حساب أي شيء حتي ولو كان هذا الشيء هو الوطن.
لذلك الأفضل لك - ويمكن للوطن - هو أن تسحب «فيشة» التليفزيون، وتغلقه، وتذهب إلي حجرة نومك. و«تشد عليك البطانية وتنام». وإن لم تستطع عمل ذلك، فاضغط علي «الريموت» وحول إلي محطة تعرض فيلماً أبيض وأسود. أو «كارتون» والأفضل «خليك» في الكرتون.. وريح دماغك!