رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كفاية كده..هتخربوا البلد!

كان واضحا أن المناقشة ساخنة لدرجة أن الشاب والرجل لم ينتبها لأن صوتهما عاليا جدا يكاد يغطي على ضجيج المقهى وصوت التليفزيون. شدني في حوارهما أنه رغم السخونة والاختلاف الحاد في وجهتي النظر أن الابتسامة تعلو وجهيهما

وأن هناك ود واضح بينهما رغم الصوت العالي. كان أحدهما ويبدو في منتصف العشرينات يدافع بقوة عن وجهة نظره الداعية للنزول إلى ميدان التحرير يوم الجمعة القادم (التاسع من سبتمبر)، بينما كان رفيقه في النقاش أكبر سنا (يقترب من نهاية العقد الثالث) يحاول أن يقنعه بخطورة تلك الدعوات.

تركزت دفوع الشاب في وجوب النزول إلى الميدان على أسباب عدة في مقدمتها المحاكمات العسكرية للمدنيين وتخاذل الموقف الرسمي المصري في الرد على اعتداءات إسرائيل على حدودنا وقتل جنودنا، وكذلك البطء الشديد في وضع وتطبيق سياسات اقتصادية تراعي العدالة الاجتماعية وعلى رأسها مسألة الحد الأدني والحد الأقصى للأجور... "هل تعلم يا صديقي أن الفارق بين الحد الأدنى والأقصى للأجور لا يزال حتى الآن 14 ألف ضعف؟! هل هذا عدل؟ هل يحتاج تطبيق هذا الأمر لكل هذه الشهور والأيام؟! يوم يخرج علينا الوزير بأنه سيتم التطبيق من بداية الشهر...ثم يخرج نفس الوزير قائلا لن يتم التطبيق...ولا أحد يشرح لنا أو يفهمنا أي شيء في الحالتين!" كان صوت الشاب أقرب للصراخ غير منتبه تقريبا لأن المقهى أصبح كله مصغيا لما يقول!!

أما الطرف الآخر في الحوار فتركزت ردوده على أهمية الصبر حتى يتم انتخاب مجلسي الشعب والشورى ومن ثم وضع دستور دائم وانتخاب رئيس ليتسلم السلطة من المجلس العسكري، محذرا من أن الدعوات للتظاهر الآن تحركها قوى خارجية تكره مصر والمصريين... "ضع نفسك مكان المشير طنطاوي وقل لي ما هو الحل؟! البلد في حالة فوضى والشرطة غير قادرة على ضبط الأمور إذن لابد من تطبيق الأحكام العسكرية على الخارجين على القانون لضبط الأمور...ولا تنسى أن الثورة حققت بالفعل نتائج مهمة لا يجب إغفالها أهمها محاكمة مبارك ورجاله وحل مجلسي الشعب والشورى والحزب الوطني والمحليات... كل هذا يدل على أن المجلس العسكري يحقق مطالب الثورة...ماذا نريد أكثر من هذا؟!"

ظل الحوار يسخن ويهدأ، ووجدتني سارحا أفكر في مسألة المحاكمات العسكرية ومنظر قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي وهم يحكمون الحصار حول "الصينية الخضراء" في وسط ميدان التحرير.. هل يعقل أن ما بين 10 و12 ألف مدني كثير جدا

منهم شباب جامعي شارك في الثورة منذ بدايتها يقضون الآن عقوبات بالسجن بتهم البلطجة دون محاكمة طبيعية تكفل لهم الدفاع عن أنفسهم، بينما مبارك ورجاله الذين أفسدوا الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وسرقوا ونهبوا ثرواتنا وأرضنا يتمتعون بكافة حقوقهم في محاكمة عادلة؟! طب ليه؟! ألا يعلم المجلس العسكري أن هذا ظلم وأنه غير مقبول وسيؤدي لزيادة الاحتقان؟!

أما مسألة الحد الأدنى والأقصى للأجور فهي بصراحة "شيء لا يصدقه عقل" كما يقولون! ما الذي يمنع توضيح الأمر ولن أقول تطبيقه، ثم أن هناك حكما من المحكمة الإدارية العليا بإلزام الحكومة (وده قبل الثورة) بتطبيق 1200 جنيه كحد أدنى للأجور؟! فلماذا كل هذه الأخبار والتصريحات المتناقضة على لسان وزراء حكومات الثورة منذ ما يقرب من سبعة أشهر الآن فهي مسألة لا تفسير لها إلا عند أولي الأمر...أي المجلس العسكري...تاني!!

قام الضباط الأحرار بانقلاب 23 يوليو 1952 وكان أول قرار يحول انقلابهم لثورة احتضنها الشعب يوم 9 سبتمبر أي بعد اقل من شهر ونصف فقط من انقلابهم أتعرفون لماذا؟! لأنهم أصدروا قانون الإصلاح الزراعي في ذلك اليوم ليكسبوا الغالبية الكاسحة من الشعب في صفهم... أما الآن فالمجلس العسكري الذي لم يقم بالثورة ولا بانقلاب بل ظل طرفا محايدا في صراع محتدم بين الشعب ونظام مبارك وانحاز المجلس للطرف الفائز وهو الشعب الذي رفع شعار إيد واحدة...هذا المجلس يحاكم الثوار ويخونهم ولا ينفذ أي مطلب يطلبه الشعب إلا منقوصا وبعد مناورات وكر وفر..وأخيرا احتلت قواته ميدان التحرير في استعراض مؤسف للقوة...فمن الذي يسعى لخراب البلد يا عالم؟!