رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبير أهم من شهداء سيناء!

كالعادة...اجتمعت حكومة الدكتور عصام شرف وأصدرت البيان تلو الآخر، دون نتيجة تذكر! وكالعادة أيضا...أصابنا جميعا الغليان وارتفاع الضغط والسكر في هذه الأيام المفترجة بسبب استمرار استهانة العدو الإسرائيلي بنا وبدماء أبنائنا على الحدود، وتحول الغضب الشعبي إلى سجال واختلافات في وجهات النظر، والنتيجة أن يهدأ الغضب، وتخف التغطية الإعلامية، ويتحول المعتصمون إلى عشرات يفرقها الأمن بالقوة!
شاب مصري اسمه أحمد الشحات -- لم يتدرب في صربيا ولم يتلقى تمويلا من دول غربية أو على الأقل لم يتهمه أحد بعد بهذا – تسلق بناية السفارة المكونة من 21 طابقا وأنزل علم إسرائيل ورفع العلم المصري مكانه! جاء ذلك تجسيدا لعدة أيام من تظاهر واعتصام الاف المصريين أمام سفارة إسرائيل بالقاهرة، وما بين رد الفعل الرسمي المتخاذل ومغامرة الشحات يمكننا أن نرصد عددا من المشاهد تستحق التأمل:
أول تلك المشاهد هو الغياب التام لأصحاب الدقون والجلاليب والشعارات الدينية الرنانة عن الصورة أمام السفارة أو في أي مكان آخر، في رسالة أبلغ من أي كلام مفادها ببساطة أن "عبير إمبابة" أهم وأغلى بكثير من دماء شهداء الواجب على الحدود! عبير هانم راح ضحيتها أكثر من 15 قتيلا مصريا ومئات المصابين غير الخسائر المادية الهائلة في إمبابة ولا تزال تداعيات أزمتها مستمرة، أما الآن فلا حس ولا خبر، والسبب واضح ومعروف لكل ذي عقل وهو أن تلك الجماعات لا يهمها وطن ولا قضايا قومية بقدر ما تهمها عبير وكاميليا ووفاء ..ورفع علم السعودية وتنظيم القاعدة...إلخ!
مشهد آخر لا يبتعد كثيرا عن سابقه وهو عدم اكتفاء أعداء ثورة 25 يناير بألا ينضموا لمظاهر الغضب الشعبي ضد اسرائيل، بل قيامهم بتحميل الثورة والثوار كل ما يجري على طريقة "آدي اللي خدناه من الثورة"، وهذا موقف كاشف لعدة أمور أخطرها أن أعداء الثورة تحولوا بوضوح وبدون خجل إلى أعداء للوطن! ولا يقلل من خطورة هذا الموقف ما يدعيه بعض هؤلاء من أن تصرف أحمد الشحات "حماقة وغوغائية"...إلى آخر تلك التصنيفات التي تتذرع بالحكمة فيما باطنها جبن وانبطاح اعتادوا عليه طوال ثلاثة عقود من حكم المخلوع "قصدي المتهم حسني مبارك"!
ولا يقتصر الهجوم على ما فعله الشحات أو حتى
التقليل منه على شخصيات وتيارات تحن للماضي البغيض بل أيضا لشخصيات من تيار التشدد الديني تنادي بالتعقل وتحذر من الاندفاع نحو الحرب، وكأن من ينادي بضرورة اتخاذ موقف حاسم تجاه اسرائيل يعني بالضرورة أنه يدق طبول الحرب.
باختصار يمكننا القول أن الاعتداء الإسرائيلي كشف لنا أن مصر لم يحدث بها تغيير على المستوى الرسمي بعد الثورة، حيث التخبط (سحبنا السفير ويتضح أنه لم يتم استدعائه لمجرد التشاور) والأيادي المرتعشة والبيانات الرنانة للاستهلاك المحلي! أما على المستوى الشعبي، فلم يهتم أحد من الإخوان أو السلفيين أو قتلة السادات (الجماعة الإسلامية) بالتظاهر أو التعبير عن الغضب، فيما رفع شعار "خيبر خيبر يا يهود...جيش محمد سوف يعود" شباب مصري ثائر حر من عينة شباب 6 أبريل وكفاية وغيرهما من قوى 25 يناير الذين يتهمهم البعض بالعمالة والخيانة!
وأخيرا، ماذا سيحدث لو غضبنا وطالبنا بتعديل معاهدة كامب ديفيد لنتمكن من حماية حدودنا بقواتنا المسلحة؟! لا أحد يريد الحرب ولا ينادي بها ولكن الضعف والتخاذل والتهاون الذي غرسنا فيه نظام مبارك هو من أغرى العدو الصهيوني بالتمادي والغطرسة، ولا أدل على ذلك من أسف باراك واعتذار بيريز بسبب بسالة الشحات ورفاقه المتظاهرين أمام السفارة، ولولا التخاذل الرسمي لكان الاعتذار الإسرائيلي كاملا ولكانت الأمور سارت في الاتجاه الصحيح نحو استعادة الحقوق المنهوبة، ولكن ماذا عسانا نقول...لا سامح الله من لا يفكرون إلا في مصالحهم الضيقة أو من لا يفكرون أصلا!!