رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبوالغار: مصر بدون جيش أو دين أو دولة مدنية لا شيء

بوابة الوفد الإلكترونية

أيها السادة المستمعون.. إليكم موجز لأهم الأنباء.. هاجم العدو قواتنا؛ إلا أن قواتنا علي طول خط القناة ، تتصدي له ببسالة وشجاعة «تلك الكلمات انطلقت من مذياع سيادة د. «محمد أبوالغار» وهو في طريقه عائداً إلي منزله من «قصر العيني» يوم 6 أكتوبر - العاشر من رمضان عام 1973.. وقتها تمتم د. أبوالغار - بينه وبين نفسه - إلي متي سيظل هذا العدو يعتدي، ونحن الذين نرد. وما إن «ركن» السيارة، إلا وجاء البيان التالي الذي يقول «عبرت قواتنا قناة السويس، واخترقت خط بارليف المنيع». وبدلاً من أن يكمل د. أبوالغار «ركن» السيارة في جراج منزله، عاد بها إلي مستشفي قصر العيني، ليظل فيه ما يقرب من شهر في انتظار مصابي العبور.

سنوات وأيام وساعات من عمر الوطن، كلما عاد به الحنين إليها، يكتشف مصر الحقيقية، والتي رأها - مع اختلاف التفاصيل - مرة أخري في ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011.

ذهبت إليه لإجراء هذا الحوار. شقته بجوار نادي الصيد، ما إن تغادر الأسانسير، إلا وتجد لوحات فنية موزعة علي جوانب وحوائط المكان، وكأنك في «اتيليه» القاهرة. والشقة عندما تدخلها، تجدها علي نفس المنوال. لكن قبل دخولك منزله، ستلاحظ أن الأسانسير مكتوب عليه بـ «استيكرر» كلمات «رب واحد.. حلم واحد.. مصير واحد.. شعب واحد» وهذا ما يريد قوله د. أبوالغار - بحسه الوطن - فعندما كنا واحداً في أكتوبر 73، كان العبور الأول. وعندما كنا واحداً في يناير 2011 كان العبور الثاني.

وإلي نص الحوار:

< كيف="" كان="" رمضان="" الطفولة="" والصبا="" في="" حياة="" د.="" محمد="">

- أتذكر رمضان عندما كان عمري 8 سنوات، وكان أبي مدير بنك التسليف في بنها. وأنا كنت في مدرسة ابتدائي بالقاهرة.

< إذا="" كان="" الوالد="" في="" بنها،="" فمع="" من="" كنت="" تعيش="" في="">

- مع جدتي.. ومنزل جدتي كان ثلاثة أدوار في شارع الخليج المصري، بالقرب من ميدان السيدة زينب. البيت كان عبارة عن ست شقق، فيها كل العيلة من الأخوال والخالات. وكانت المنطقة إلي حد ما شعبية.

< في="" المناطق="" الشعبية="" تختلف="" الاحتفالات="" برمضان="" عن="" غيرها؟="" أليس="">

- بالتأكيد. وكانت احتفالات رمضان في هذا الحي، احتفالات مهولة، وكان أهالي المنطقة يسيرون في الشوارع بالفوانيس والتهليل والغناء وكان «المسحراتي» ظاهرة واضحة جداً في ذلك الزمان، بعد ذلك انتقل والدي لبنك التسليف بالقاهرة، وانتقلنا إلي باب اللوق. والوضع في باب اللوق كان مختلفاً.

<>

- في باب اللوق لا تجد مهرجانات رمضان واحتفالاته التي كنا نراها في السيدة زينب. المنطقة كلها عبارة عن عمارات يسكنها يونانيون ويهود، وكان ذلك في عام 1950 تقريباً. وكان الجو رمضانيا بطعم الأجنبي. لكن إذا ما عدنا إلي السيدة زينب، إلا ونجد الاحتفالات الرمضانية التي لا  تنتهي. وأتذكر أنني كنت أحضر رمضان خارج القاهرة.

<>

- في مدينة شبين الكوم، وهي بلدي، رغم أنني لم أقم فيها. إنما كان من الوارد أن نقوم بزيارتها في الإجازة، وأوقات في رمضان. وفيها الجو الرمضاني الحقيقي، مثل باقي المدن المصرية. والمسحراتي فيها كان يمر علي كافة الشوارع، وينادي علي أهل كل بيت ويعرف سكانه، وينادي عليهم بالاسم. وأذكر أنه لم يكن يذكر أسماء النساء، الرجال فقط.

< هل="" جاء="" عليك="" رمضان="" وأنت="" خارج="">

- نعم.. جاء وكنت في «كوبنهاجن» وكان لطيفاً جداً، وكنت «أنزل» للمستشفي الساعة السابعة صباحاً، استقل الأتوبيس واتجه إلي العمل. وكانت الشمس تظهر الساعة التاسعة والنصف صباحاً. وكانت الشمس تغرب الساعة الواحدة والنصف.

< وكانت="" هذه="" مدة="">

- آه.. إنما صيام إيه بقي. أنت كنت وكأنك بتفطر الصبح ثم ميعاد الغذاء، لأن ساعات طلوع الشمس وغروبها قليلة جداً، وكان هذا رمضان الشتاء هناك وهو يختلف عن رمضان الصيف.

<>

- لأن الشمس في كوبنهاجن.. كانت تشرق في الساعة الثانية والنصف صباحاً وتغيب في العاشرة والنصف بالليل.

<  وقت="">

- جداً.. لأن الصيام هنا سيكون ما يقرب من عشرين ساعة يومياً.. وهذا من الصعب الصيام فيه.

< وهل="" جاء="" عليك="" رمضان="" في="" ذلك="">

- لا.. كنت قد عدت للقاهرة، ولم أحضره في «كوبنهاجن» إلا في الشتاء فقط وحضرت العيد - الصغير - كما يقال هناك وكان عيداً، له العجب؟ لماذا؟

- شوف.. في نهاية رمضان جاء لنا إعلان من السفارة، والجمعية الإسلامية هناك، تخبرنا بموعد صلاة العيد، وكان ذلك في مبني بلدية كوبنهاجن وهو مبني ضخم وعلي أحدث طراز وقتها. وكانت الجاليات الإسلامية قليلة، وغير معروفة. وأعلن في الصحف عن أن المسلمين سيذهبون «للبلدية» الصلاة العيد، والثلج غطي الشوارع.. ودخلنا للصلاة، وبعد دقائق حدثت «فوضي» عارمة في القاعة.

< وما="" سبب="">

- سببها أن 80٪ من الذين حضروا لا يعرفون اللغة العربية، وإمام المصلين وقتها كان عربياً - من مصر بالتحديد - وبدأ الإمام الصلاة، وإذ بكل فئة في عالم غير عالمه هو. وبدأت الفوضي أثناء الخطبة.

< وإلي="" ماذا="">

- انتهت إلي أن القاعة كان فيها خطيب هندي، وآخر تركي وغيره عربي وهكذا، وتحولت الصلاة إلي حالة غريبة من الفوضي.

< وأنت="" ماذا="">

- حضرت الصلاة ولم أنتظر للخطبة، لأنها تحولت إلي أكثر من خطبة، والكل في مكان واحد، مما تعذر معه أن تسمع «خطيبك» الذي يتحدث بلغتك.. وكانت صلاة لا تنسي بالنسبة لي.

< نأتي="" إلي="" ذكرياتك="" مع="" رمضان="" العبور..="" في="" عام="">

- كانت أيام هذا الشهر الكريم، مختلفة تماماً، لقد جاء رمضان وقتها، ونحن جميعاً في حالة إحباط من النكسة.. وفي الجامعة اعتصامات، لكن كنت متضامناً وأنزل للاحتجاج معهم. ومن الاحباط كنت أتجه للأكل، مما زاد وزني عام 72- رغم أنني أصلاً نحيف - حوالي 12 كيلو جرام.

< إلي="" هذا="" الحد="" كان="" قد="" وصل="" بنا="" الأمر="">

- طبعاً.. الإحباط أيامها، كان قاتلاً، وفي رمضان يوم العبور كنت عائداً من مستشفي قصر العيني، ومذياعها شغال. والتقطت أذني أخباراً تقول إن قوات العدو أطلقت النيران علي واحداتنا، وجار صد العدوان. قلت «يادي المصيبة.. هيه ناقصة».. وما إن وصلت إلي المنزل، إلا ووجدت الإعلان الحقيقي عن أن قواتنا عبرت القناة.

< وبهذا="" الإعلان="" الدنيا="" تغيرت="" في="">

- في العالم كله وليس مصر فقط. أنا «مكنتش مصدق نفسي من الفرحة».

< وماذا="" فعلت="">

- بسرعة عدت إلي مستشفي قصر العيني، وهناك وجدت كل الأطباء موجودين.. وبدأنا سلسلة من الاجتماعات. وأثناء ذلك جاء لنا «ضابط» طبيب حتي يكون هو مدير القصر في ذلك الوقت، وتم الاتفاق علي إغلاق قسم النساء والولادة، وتحول إلي قسم الطوارئ، وأصبحت مسئولاً عن القسم، وظللت حتي العيد في قصر العيني، ونقص وزني حوالي 17 كيلو جراماً.

< يعني="" «النكسة»="" زادت="" وزنك="" و«العبور»="">

وزنك؟

- بالضبط كده.. لم أكن آكل، فقط المياه فقط. كنا في حالة «قلق وخوف» علي العبور.

< ومن="" رمضان="" العبور="" 1973="" إلي="" رمضان="" 2011="" كيف="" جاء="" علي="">

- رمضان 2011 كان مفروضاً يكون «أسعد» مما هو عليه، لأن الذي حدث بثورة 25 يناير، حلم لا يمكن تخيله، فأنا طوال عمري معارض، وطوال عمري كله لم أكن أتخيل أن مبارك أو عائلته لا يحكم. هذا لم يأت علي ذهني ولو لثوان. أنا قلت من الممكن أن يحدث شيء في عهد أولادنا. أما نحن فلم نتوقع. الثورة كانت رائعة وعظيمة حتي قبل الشهر الأخير المنصرم.

< وماذا="" حدث="" للثورة="" خلال="" هذا="" الشهر="">

- لم يكن الشهر الأخير في عمر الثورة جيداً؛ لأنه في تقديري أن القوي التي قامت بالثورة من كافة التيارات والأعمار - لأن الثورة قام بها الشعب كله - كان يتعين عليها أن تتكاتف من أجل المستقبل. وأن كل من كان في الميدان، يجب أن يمثل في مجلس الشعب، ويجب كلنا أن نبني البلد لمدة 10 سنوات، ثم بعد ذلك «نتخانق».

< يعني="" «البناء»="" قبل="">

- أيوه .. طبعاً .. البناء أولاً.. لأنه ليس من المعقول، ولا المقبول، أن نترك بناء البلد، ونلتفت إلي «الخناقات» السياسية.. وأنت تريد أن تسيطر، وأنا أريد أن أسيطر. أو نتهم بعضنا البعض بالعمالة والخيانة وهكذا. وهذا أمر «محزن جداً».

< الخناقة="" ما="" بين="" مَن="">

- بين الجميع من كافة التيارات السياسية، وأنا في تقديري أن الشعب المصري هو أكثر شعب متدين في العالم كله. هذا شعب «متدين» بصحيح ومن قلبه هو نحن المصريين مسلمين وأقباط. الكل في دينه متدين بإخلاص.

< وهل="" هناك="" من="" قال="" غير="">

- آه فيه.. هناك من يريد أن يقول لنا «تعالوا نعلمكم التدين». كيف هذا؟ ونحن شعب متدين منذ مئات السنين، وعلي الآخرين أن يعلموا أن هذا الشعب يعرف دينه ودنياه، والكل كان - ومازال - يتعلم منه. إنما ما يحدث حالياً هو أمر «سيئ» جداً، وسوف يضر بالبلد ومستقبلبها. مصر دولة هي التي صنعت الفن والثقافة. وهي الحضارة.

< وهل="" هناك="" من="" لا="" يريد="" لها="">

- نعم.. هناك من يريد لها أن تكون «أحادية» التفكير والاتجاه. وهذا إن حدث، فإنها ستتحول من دولة «حضارة» إلي دولة «تحت الأرض» ليس لها أي قيمة في أي مكان، ولن يحدث فيه تطور وإنتاج ولن يكون لها مستقبل.

< الجمعة="" التي="" وصفت="" بتوحيد="" الصف="" والتي="" سيطر="" عليها="" التيار="" الديني="" كانت="" محاطة="" بأتوبيسات="" من="" كافة="" مصر="" لنقلهم="" إلي="" ميدان="">

- طيب مين اللي جاب هذه الأتوبيسات.

< التيارات="" الدينية="" جاءت="" بها="" من="" المدن="">

- أيوه مين الذي دفع «الفلوس» لهذه الأتوبيسات

< تريد="" أن="" تقول="" أن="" هناك="" من="" دفع="" أموالاً="">

- أصل هؤلاء ناس بسطاء جداً، وهذه أتوبيسات مكيفة.

< هل="" تتوقع="" أن="" هناك="" أموالاً="" تدخل="" لبعض="" التيارات="">

- آه.. أنا طبعاً ليست لدي وثائق لذلك، لكن الواقع يقول ذلك.

< طيب="" بالمقابل="" هناك="" من="" يقول="" إن="" أمريكا="" ضخت="" أموالاً="" في="" البلد="" بعد="" 25="">

- لمين. ضخت فلوس لمين؟ أنت حتي تقول ذلك - أو غيرك - عليك أن تقول أمريكا دفعت أموالاً لمين؟

< يعني="" خلينا="" نقول="">

- طول عمر الجمعيات تأخذ أموالاً من أمريكا، وما الجديد في ذلك.. وهذه الجمعيات هي من أسباب نجاح الثورة، التي علمت الناس كيف يغيروا النظام وهؤلاء شباب وطناً ولا هم «خائنين» ولا أي شيء.

< كيف="" تري="" المستقبل="" أو="" اللحظة="" القادمة="" وسط="" كل="" هذا="" الذي="">

- أخطر شيء نواجهه هو التخلف الفكري وأملي أن الناس تعقل.. للأسف مصر النهاردة، منقسمة إلي ثلاثة اتجاهات.

< ومن="">

- الجيش في اتجاه والتيارات السياسية المدنية في اتجاه والتيارات الدينية في اتجاه. ووسط هذا حد يقول لي «فين مصر بقي»؟

< نحن="" الذين="" نريد="" أن="" نعرف="">

- شوف.. مصر لن تكون مصر إلا بهذه الاتجاهات الثلاث، لو استبدعنا اتجاهاً منهم، فتأكد أنها لن تكون مصر.

<>

- بمعني أنك لو جاءت مصر بـ «الجيش والتيارات الدينية» فقط، فلن تكون هذه مصر. ولو جاءت تيارات دينية وسياسية بدون جيش، فلن تكون مصر وإن جاءت تيارات سياسية وجيش فقط دون دين، فلن تكون مصر. لذلك فإن هذه العناصر الثلاثة هي التي تكون البلد، وأي محاولة لاستبعاد اتجاه منهم فسيكون بذلك «بيهدم» مصر.

< وهل="" الأمور="" تسير="" نحو="" اتحاد="" هذه="">

- الحقيقة لا.